للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عذر مَا عِنْد الله تَعَالَى وَلَكِن هَذَا مبلغهم من الْعلم وَهَذِه معاداتهم لأَهله وللقائمين لله تَعَالَى بحججه وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق

الْوَجْه الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ قَوْلكُم منع عمر بيع أُمَّهَات الْأَوْلَاد وَتَبعهُ الصَّحَابَة وألزم بِالطَّلَاق الثَّلَاث وتبعوه أَيْضا جَوَابه من وُجُوه أَحدهَا أَنهم لم يتبعوه تقليدا لَهُ بل أداهم اجتهادهم فِي ذَلِك إِلَى مَا أَدَّاهُ إِلَيْهِ اجْتِهَاده وَلم يقل أحد مِنْهُم قطّ إِنِّي رَأَيْت ذك تقليدا لعمر

الثَّانِي أَنهم لم يتبعوه كلهم فَهَذَا ابْن مَسْعُود يُخَالِفهُ فِي أُمَّهَات الْأَوْلَاد وَهَذَا ابْن عَبَّاس يُخَالِفهُ فِي الْإِلْزَام بِالطَّلَاق الثَّلَاث وَإِذا اخْتلفت الصَّحَابَة وَغَيرهم فالحاكم الْحجَّة الثَّالِث أَنه لَيْسَ فِي اتِّبَاع قَول عمر فِي هَاتين المسسألتين وتقليد الصَّحَابَة لَو فرض ذَلِك مَا يسوغ تَقْلِيد من هُوَ دونه بِكَثِير فِي كل مَا يَقُوله وَترك قَول من هُوَ مثله وَمن هُوَ فَوْقه وَأعلم مِنْهُ هَذَا من أبطل الِاسْتِدْلَال وَهُوَ تعلق بَيت العنكبوت فقلدوا عمر واتركوا تَقْلِيد فلَان وَفُلَان وَأَنْتُم تصرحون أَن عمر لَا يُقَلّد وَأَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَمَالك يقلدون فَلَا يمكنكم الِاسْتِدْلَال بِمَا أَنْتُم مخالفون لَهُ فَكيف يجوز للرجل أَن يحْتَج بِمَا لَا يَقُول بِهِ

الْوَجْه الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ قَوْلكُم أَن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ لعمر لما احْتَلَمَ خُذ ثوبا غير ثَوْبك فَقَالَ لَو فعلت صَارَت سنة فَأَيْنَ فِي هَذَا من الْإِذْن من عمر فِي تَقْلِيده والإعراض عَن كتاب الله تَعَالَى وَسنة رَسُوله ص وَغَايَة هَذَا أَنه تَركه لِئَلَّا يَقْتَدِي بِهِ من يرَاهُ يفعل ذَلِك وَيَقُول لَوْلَا أَن هَذَا سنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا فعله عمر وَهَذَا هُوَ الَّذِي خشيه عمر وَالنَّاس مقتدون بعلمائهم شَاءُوا أَو أَبَوا فَهَذَا هُوَ الْوَاقِع وَإِن كَانَ الْوَاجِب فِيهِ تَفْصِيل

الْوَجْه الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ قَوْلكُم قد قَالَ أبي بن كَعْب مَا اشْتبهَ عَلَيْك فكله إِلَى عالمه فَهَذَا حق وَهُوَ الْوَاجِب على من سوى الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن كل أحد بعد الرَّسُول لَا بُد أَن يشْتَبه عَلَيْهِ بعض مَا جَاءَ بِهِ فَإِذا اشْتبهَ عَلَيْهِ شَيْء وَجب عَلَيْهِ أَن يكله إِلَى من هُوَ أعلم مِنْهُ فَإِن تبين لَهُ صَار عَالما بِهِ مثله وَإِلَّا وَكله إِلَيْهِ وَلم يتَكَلَّف مَالا علم لَهُ بِهِ فَهَذَا هُوَ الْوَاجِب علينا فِي كتاب رَبنَا وَسنة نبيه ص وأقوال الصَّحَابَة وَقد جعل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَوق كل ذِي علم عليما فَمن خَفِي عَلَيْهِ بعض الْحق فوكله إِلَى من هُوَ أعلم مِنْهُ فقد أصَاب فَأَي شَيْء فِي هَذَا من الْإِعْرَاض عَن الْقُرْآن وَالسّنَن وآثار الصَّحَابَة واتخاذ رجل بِعَيْنِه معيارا على ذَلِك وَترك النُّصُوص لقَوْله وعرضها عَلَيْهِ وَقبُول كل مَا أفتى بِهِ ورد كل مَا خَالفه وَهَذَا الْأَثر نَفسه من أكبر الْحجَج على بطلَان التَّقْلِيد فَإِن أَوله فمااستبان لَك فاعمل بِهِ وَإِن اشْتبهَ عَلَيْك فكله إِلَى عالمه وَنحن نناشدكم الله إِذا استبانت لكم السّنة هَل تتركون قَول من قلدتموه لَهَا وتعملون بهَا وتفتون

<<  <   >  >>