للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتقضون بموجبها أم تتركونها وتعدلون عَنْهَا إِلَى قَوْله وتقولون هُوَ أعلم بهَا منا فَأبى رَضِي الله عَنهُ مَعَ سَائِر الصَّحَابَة على هَذِه الْوَصِيَّة وَهِي مبطلة للتقليد قطعا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق

ثمَّ نقُول هلا وكلتم مَا اشْتبهَ عَلَيْكُم من الْمسَائِل إِلَى عالمها من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ هم أعلم الْأمة وأفضلها بل تركْتُم أَقْوَالهم وعدلتم عَنْهَا فَإِن كَانَ من قلدتموه مِمَّن يُوكل ذَلِك إِلَيْهِ فالصحابة أَحَق أَن يُوكل ذَلِك إِلَيْهِم

الْوَجْه الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ قَوْلكُم كَانَ الصَّحَابَة يفتون وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَيّ بَين أظهرهم وَهَذَا تَقْلِيد من المستفتين لَهُم فَجَوَابه أَن فتواهم إِنَّمَا كَانَت تبليغا عَن الله تَعَالَى وَرَسُوله ص وَكَانُوا بِمَنْزِلَة المخبرين فَقَط لم تكن فتواهم تقليدا لرأي فلَان وَإِن خَالَفت النُّصُوص فهم لم يَكُونُوا يقلدون فِي فتواهم وَلَا يفتون بِغَيْر نُصُوص وَلم يكن للمستفتين لَهُم اعْتِمَاد إِلَّا على مَا يبلغونهم إِيَّاه عَن نَبِيّهم ص فَيَقُولُونَ أَمر بِكَذَا وَكَذَا وَفعل كَذَا وَكَذَا وَنهى عَن كَذَا وَكَذَا هَكَذَا كَانَت فتواهم فَهِيَ حجَّة على المستفتين كَمَا هِيَ حجَّة عَلَيْهِم وَلَا فرق بَينهم وَبَين المستفتين لَهُم فِي ذَلِك إِلَّا فِي الْوَاسِطَة بَينهم وَبَين الرَّسُول وَعدمهَا وَالله وَرَسُوله وَسَائِر أهل الْعلم يعلمُونَ أَنهم وَأَن مستفتيهم لم يعملوا إِلَّا بِمَا علموه عَن نَبِيّهم وشاهدوه وسمعوه مِنْهُ هَؤُلَاءِ بِوَاسِطَة وَهَؤُلَاء بِغَيْر وَاسِطَة وَلم يكن فيهم من يَأْخُذ قَول أحد من الْأَئِمَّة يحلل ماحلله وَيحرم مَا حرمه ويستبيح مَا أَبَاحَهُ وَقد أنكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على من أفتى بِغَيْر السنه مِنْهُم كَمَا أنكر على أبي السنابل وَكذبه وَأنكر على من أفتى برجم الزَّانِي الْبكر وَأنكر على من أفتى بإغتسال الجريح حَتَّى مَاتَ وَأنكر على من أفتى بِغَيْر علم كمن يُفْتِي بِمَا لَا يعلم صِحَّته وَأخْبر أَن إِثْم المستفتى عَلَيْهِ فأفتاه الصَّحَابَة فِي حَيَاته ص نَوْعَانِ أَحدهمَا كَانَ يبلغهُ ص ويقرهم عَلَيْهِ فَهُوَ حجَّة بِإِقْرَارِهِ لَا بمجرج إفتائهم الثَّانِي مَا كَانُوا يفتون بِهِ مبلغين لَهُ عَن نَبِيّهم فهم فِيهِ رُوَاة لَا مقلدون وَلَا مقلدون

وَانْظُر بَقِيَّة الْأَوْجه فِي أَعْلَام الموقعين وَقد أنهاها إِلَى مائَة وَسبعين وَجها وَأجَاب عَن بَقِيَّة شبههم شُبْهَة شُبْهَة وَفِيمَا ذَكرْنَاهُ كِفَايَة وَالله تَعَالَى الْمُوفق للصَّوَاب وَإِلَيْهِ الْمرجع والمآب

فصل فِي جَوَاز الْفَتْوَى بالآثار السلفية والفتاوى الصحابية وَأَنَّهَا أولى بِالْأَخْذِ بهَا من آراء الْمُتَأَخِّرين وفتاواهم وَأَن قربهَا إِلَى الصَّوَاب بِحَسب قرب أَهلهَا من عصر الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

قَالَ ابْن الْقيم فِي أَعْلَام الموقعين اعْلَم أَن فتاوي الصَّحَابَة أولى أَن يُؤْخَذ بهَا من فَتَاوَى التَّابِعين وفتاوي التَّابِعين أولى من فتاوي تبع التَّابِعين وهلم جرا وَكلما كَانَ الْعَهْد بالرسول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أقرب كَانَ الصَّوَاب فِيهِ أغلب وَهَذَا الحكم بِحَسب الْجِنْس لَا بِحَسب كل فَرد فَرد من الْمسَائِل كَمَا أَن عصر التَّابِعين وَإِن كَانَ أفضل من عصر تابعيهم فَإِنَّمَا هُوَ بِحَسب الْجِنْس لَا بِحَسب كل شخص شخص

<<  <   >  >>