فِيهِ قَولَانِ للْعُلَمَاء وهما رِوَايَتَانِ عَن الإِمَام أَحْمد وَالصَّحِيح أَن الشق الَّذِي فِيهِ الْخُلَفَاء أَو بَعضهم أرجح وَأولى أَن يُؤْخَذ بِهِ من الشق الآخر فَإِن كَانَ الْأَرْبَعَة فِي شقّ فَلَا شكّ أَنه الصَّوَاب وَإِن كَانَ أَكْثَرهم فِي شقّ فَالصَّوَاب فِيهِ أغلب وَإِن كَانُوا اثْنَيْنِ واثنين فشق أبي بكر وَعمر أقرب إِلَى الصَّوَاب فَإِن اخْتلف أَبُو بكر وَعمر فَالصَّوَاب مَعَ أبي بكر وَهَذِه جملَة لَا يعرف تفصيلها إِلَّا من لَهُ خبْرَة واطلاع على مَا اخْتلف فِيهِ الصَّحَابَة وعَلى الرَّاجِح من أَقْوَالهم وَيَكْفِي فِي ذَلِك معرفَة رُجْحَان قَول الصّديق فِي الْجد والأخوة وَكَون الطَّلَاق الثَّلَاث بِفَم وَاحِد مرّة وَاحِدَة وَأَن تلفط فِيهِ بِالثلَاثِ وَجَوَاز بيع أُمَّهَات الْأَوْلَاد
وَإِذا نظر الْعَالم الْمنصف فِي أَدِلَّة هَذِه الْمسَائِل من الْجَانِبَيْنِ تبين لَهُ أَن جَانب الصّديق أرجح وَلَا يحفظ لَهُ خلاف نَص وَاحِد أبدا وَلَا يحفظ لَهُ فَتْوَى وَلَا حكم ومأخذهما ضَعِيف أبدا وَهَذَا التَّحْقِيق لكَون خِلَافَته خلَافَة نبوة
وَإِن لم يُخَالف الصَّحَابِيّ صحابيا آخر فإمَّا أَن يشْتَهر قَوْله فِي الصَّحَابَة أَو لَا يشْتَهر فَإِن اشْتهر فَالَّذِي عَلَيْهِ جَمَاهِير الطوائف من الْفُقَهَاء أَنه إِجْمَاع وَحجَّة وَقَالَت طَائِفَة مِنْهُم هُوَ حجَّة وَلَيْسَ بِإِجْمَاع وَقَالَ شرذمة من الْمُتَكَلِّمين وَبَعض الْفُقَهَاء الْمُتَأَخِّرين لَا يكون إِجْمَاعًا وَلَا حجَّة وَإِن لم يشْتَهر قَوْله أَو لم يعلم هَل اشْتهر أم لَا فَاخْتلف النَّاس هَل يكون حجَّة أم لَا فَالَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُور الْأمة أَنه حجَّة هَذَا قَول جُمْهُور الْحَنَفِيَّة صرح بِهِ مُحَمَّد بن الْحسن وَذكره عَن أبي حنيفَة نصا وَهَذَا مَذْهَب مَالك وَأَصْحَابه وتصرفه فِي موطئِهِ دَلِيل عَلَيْهِ وَهُوَ قَول إِسْحَق بن رَاهَوَيْه وَأبي عبيد وَهُوَ مَنْصُوص الإِمَام أَحْمد فِي غير مَوضِع وَاخْتِيَار جُمْهُور أَصْحَابه وَهُوَ مَنْصُوص الشَّافِعِي فِي الْقَدِيم والجديد فَأَما الْقَدِيم فأصحابه مقرون بِهِ وَأما الْجَدِيد فكثير مِنْهُم يحْكى عَنهُ أَنه لَيْسَ بِحجَّة وَفِي هَذِه الْحِكَايَة عَنهُ نظر ظَاهر جدا فَإِنَّهُ لَا يحفظ لَهُ فِي الْجَدِيد حرف وَاحِد أَن قَول الصَّحَابَة لَيْسَ بِحجَّة وَغَايَة مَا تعلق بِهِ من نقل ذَلِك أَنه يحْكى أقوالا للصحابة فِي الْجَدِيد ثمَّ يُخَالِفهَا وَلَو كَانَت عِنْده حجَّة لم يُخَالِفهَا وَهَذَا تعلق ضَعِيف جدا فَإِن مُخَالفَة الْمُجْتَهد الدَّلِيل الْمعِين لما هُوَ أقوى مِنْهُ فِي نظره لَا يدل على أَنه لَا يرَاهُ دَلِيلا من حَيْثُ الْجُمْلَة بل خَالف دَلِيلا لدَلِيل أرجح عِنْده مِنْهُ وَقد تعلق بَعضهم بِأَنَّهُ يرَاهُ فِي الْجَدِيد إِذا ذكر أَقْوَال الصَّحَابَة مُوَافقا لَهَا لَا يعْتَمد عَلَيْهَا وَحدهَا كَمَا يفعل بالمنصوص بل يعضدها بضروب من الأقيسة فَهُوَ تَارَة يذكرهَا وَيُصَرح بِخِلَافِهَا وَتارَة يُوَافِقهَا وَلَا يعْتَمد عيها بل يعضدها بِدَلِيل آخر وَهَذَا أَيْضا تعلق أَضْعَف من الَّذِي قبله فَإِن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute