مذاهبها لمن قدر فَهُوَ شَيْء لَا يسْتَغْنى عَنهُ وَكَانَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ يكْتب إِلَى الْآفَاق أَن يبلغُوا السّنة والفرائض واللحن يَعْنِي النَّحْو كَمَا يتَعَلَّم الْقُرْآن وَقد تقدم ذكر هَذَا الْخَبَر عَنهُ فِيمَا سلف من كتَابنَا
وَعَن أبي عُثْمَان قَالَ كَانَ فِي كتاب عمر تعلمُوا الْعَرَبيَّة وَعَن عمر بن زيد قَالَ كتب عمر إِلَى أبي مُوسَى أما بعد فتفهموا فِي السّنة وتفقهوا فِي الْعَرَبيَّة وَعَن ابْن عمر أَنه كَانَ يضْرب وَلَده على اللّحن وَقَالَ الْخَلِيل بن أَحْمد ... أَي شَيْء من اللبَاس على ذِي الثرى ... وأبهى من اللِّسَان الْبَهِي
ينظم الْحجَّة السّنيَّة فِي السل ... كسامن القَوْل مثل عقد الْهدى
وَترى اللّحن بالحسيب اخي الهيب ... ة مثل الصدا على المشرقي
قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله من حفظ الْقُرْآن عظمت قِيمَته وَمن طلب الْفِقْه نبل قدره وَمن كتب الحَدِيث قويت حجَّته وَمن نظر فِي النَّحْو رق طبعه وَمن لم يصن نَفسه لم يصنه الْعلم انْتهى
وَيلْزم صَاحب الحَدِيث أَن يعرف الصَّحَابَة المؤدين للدّين عَن نَبِيّهم ص ويعتني بسيرهم وفضائلهم وَيعرف أَحْوَال الناقلين عَنْهُم وأيامهم وأخبارهم حَتَّى يقف على الْعُدُول مِنْهُم غير الْعُدُول وَهُوَ أَمر قريب كُله على من اجْتهد فَمن طلب الأمامة فِي الدّين وَأحب أَن يسْلك سَبِيل الَّذين جَازَ لَهُم الْفَتْوَى نظر فِي أقاويل الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَالْأَئِمَّة فِي الْفِقْه إِن قدر على ذَلِك نأمره بِهِ كَمَا أمرناه بِالنّظرِ فِي أقاويلهم فِي تَفْسِير الْقُرْآن فَمن أحب الِاقْتِصَار على أقاويل عُلَمَاء الْحجاز اقتفى وَاكْتفى إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَإِن أحب الإشراف على مَذَاهِب الْفُقَهَاء متقدميهم ومتأخريهم بالحجاز وَالْعراق وَأحب الْوُقُوف على مَا أخذُوا أَو تركُوا من السّنَن وَمَا اخْتلفُوا تثبيته وتأويله من الْكتاب وَالسّنة كَانَ ذَلِك مُبَاحا ووجها مَحْمُودًا أَن سلم من التخلليط نَالَ دَرَجَة رفيعة وَوصل إِلَى جسيم من الْعلم وَاسع ونبل إِذا فهم مَا اطلع وَهَذَا يحصل الرسوخ لمن فقهه الله تَعَالَى وصبر على هَذَا الشَّأْن واستحلى مرارته وَاحْتمل ضيق الْمَعيشَة فِيهِ