.. وجدت لَهُ على اللهوات بردا ... كبرد المَاء حِين صفا وطابا
وَلَيْسَ بحاكم من لَا يُبَالِي ... أأخطأ فِي الْحُكُومَة أم أصابا ...
قَالَ الْحَافِظ أَبُو عمر بن عبد البر فِي كتاب الْعلم الَّذِي عَلَيْهِ جمَاعَة فُقَهَاء الْمُسلمين وعلماؤهم ذمّ الْإِكْثَار يَعْنِي من الحَدِيث دون تفقه فِيهِ وَلَا تدبر وَالْمُكثر لَا يَأْمَن من مواقعة الْكَذِب على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لرِوَايَة عَمَّن يُؤمن وَعَمن لَا يُؤمن وَقَالَ فِي مَوضِع آخر أما طلب الحَدِيث على مَا يَطْلُبهُ كثير من أهل عصرنا الْيَوْم دون تفقه فِيهِ وَلَا تدبر لمعانيه فمكروه عِنْد جمَاعَة أهل الْعلم وروى بِسَنَدِهِ إِلَى يحيى بن الْيَمَان أَنه قَالَ يكْتب أحدكُم الحَدِيث وَلَا يتفهم وَلَا يتدبر فَإِذا سُئِلَ أحدكُم عَن مَسْأَلَة جلس كَأَنَّهُ مكاسب قَالَ أَبُو عمر وَفِي مثل هَذَا يَقُول الشَّاعِر ... زوامل للأسفار لَا علم عِنْدهم ... بجيدها إِلَّا كعلم الأباعر
لعمرك لَا يدْرِي الْبَعِير إِذا غدى ... بأحماله أَو رَاح مَا فِي الغرائر ...
وَقَالَ عمار الْكَلْبِيّ ... إِن الروَاة على جهل بِمَا حملُوا ... مثل الْجمال عَلَيْهَا يحمل الودع
لَا الودع يَنْفَعهُ حمل الْجمال لَهُ ... وَلَا الْجمال بِحمْل الودع تنْتَفع ...
وَأنْشد الْخُشَنِي رَحمَه الله ... قطعت بِلَاد الله للْعلم طَالبا ... فَحملت أسفارا فصرت حمارها
إِذا مَا اراد الله حتفا بنملة ... أتاح أباحين لَهَا فأطارها ...
وَقَالَ الْمُنْذر بن سعيد ... أنْفق بِمَا شِئْت تَجِد أنصارا ... وَدم أسفارا تَجِد حمارا
تحمل مَا وضعت من أسفار ... مثلته كَمثل الْحمار
يحمل أسفارا لَهُ وَمَا درى ... أَكَانَ مَا فِيهَا صَوَابا أم خطا
إِن سئلوا قَالُوا كَذَا روينَا ... لَا إِن كذبنَا لَا وَلَا اعتدينا
كَبِيرهمْ يصغر عِنْد الْفَحْل ... لِأَنَّهُ قلد أهل الْجَهْل ... انْتهى
قلت وَلَقَد صدق أَبُو عمر فِي محدثي زَمَانه أهل الْمِائَة الْخَامِسَة فَكيف بمحدثي الْقرن الثَّالِث عشر الَّذين يقرءُون الحَدِيث كَمَا يقْرَأ صغَار الْكتاب الْقُرْآن بل قِرَاءَة صغَار الْكتاب الْقُرْآن أحسن لِأَن صغَار الْكتاب يُقِيمُونَ أَلْفَاظه أحسن إِقَامَة ومحدثوا زَمَاننَا يلحنون فِي الحَدِيث لحنا فَاحِشا لَا يشتغلون بفهم مَعْنَاهُ وَإِذا دلّ الحَدِيث على حكم شَرْعِي دلَالَة ظَاهِرَة يحذرون الْعَوام الَّذين يحْضرُون دروسهم بِأَن الْعَمَل لَيْسَ على هَذَا الحَدِيث وَيَقُولُونَ لَا يجوز الْعَمَل بِالْحَدِيثِ بل يكره