فِي الْمُدَوَّنَة وَإِنَّمَا هُوَ فِي الْعُتْبِيَّة وَقد لهج الْمُتَأَخّرُونَ من الْمَالِكِيَّة بترجيح القَوْل وَالرِّوَايَة بِمُجَرَّد وجودهَا فِي الْمُدَوَّنَة وَلَو خَالف الْكتاب وَالسّنة الصَّحِيحَة الْمجمع على صِحَّتهَا كَمَا فِي مَسْأَلَة سدل الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاة وردوا الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة السالمة من الْمُعَارضَة والنسخ وتركوها لأجل رِوَايَة ابْن الْقَاسِم فِي الْمُدَوَّنَة عَن مَالك مَعَ أَن رِوَايَة الْقَبْض ثَابِتَة عَن مَالك وَأَصْحَابه بروايات الثِّقَات من أَصْحَابه وَغَيرهم
وَقَالَ الْمُحَقق الْعَلامَة الْمقري فِي قَوَاعِده لَا يجوز اتِّبَاع ظَاهر نَص الإِمَام مَعَ مُخَالفَته لأصول الشَّرِيعَة عِنْد حذاق الشُّيُوخ قَالَ الْبَاجِيّ لَا أعلم قولا أَشد خلافًا على مَالك من أهل الأندلس لِأَن مَالِكًا لَا يُجِيز تَقْلِيد الروَاة عَنهُ عِنْد مخالفتهم الْأُصُول وهم لَا يعتمدون على ذَلِك انْتهى وَقَالَ أَيْضا قَاعِدَة لَا يجوز رد الْأَحَادِيث إِلَى الْمَذْهَب على وَجه ينقص من بهجتها وَيذْهب بالثقة بظاهرها فَإِن ذَلِك فَسَاد لَهَا وَحط من منزلتها لَا أصلح الله الْمذَاهب لفسادها وَلَا رَفعهَا بخفض درجاتها فَكل كَلَام يُؤْخَذ مِنْهُ وَيرد إِلَّا مَا صَحَّ لنا عَن مُحَمَّد ص بل لَا يجوز الرَّد مُطلقًا لِأَن الْوَاجِب أَن ترد الْمذَاهب إِلَيْهَا كَمَا قَالَ الشَّافِعِي وَغَيره لَا أَن ترد هِيَ إِلَى الْمذَاهب كَمَا تسَامح فِيهِ بعض الْحَنَفِيَّة خُصُوصا وَالنَّاس عُمُوما إِذْ ظَاهرهَا حجَّة على من خالفها حَتَّى يَأْتِي بِمَا يقاومها فنطلب الْجمع مُطلقًا وَمن وَجه على وَجه لَا يصير الْحجَّة أحجية وَلَا يُخرجهَا عَن طرق المخاطبات الْعَامَّة الَّتِي ابتنى عَلَيْهَا الشَّرْع وَلَا يخل بطرق البلاغة والفصاحة الَّتِي جرت من صَاحبه مجْرى الطَّبْع فَإِن لم يُوجد طلب التَّارِيخ للنسخ فَإِن لم يكن طلب التَّرْجِيح وَلَو بِالْأَصْلِ وَإِلَّا تساقطا فِي حكم المناظرة وَسلم لكل مَا عِنْده وَوَجَب الْوَقْف والتخيير فِي حكم الِانْتِقَال وَجَاز الِانْتِقَال على الاصح قَاعِدَة لَا يجوز التعصب للمذاهب بالانتصاب للانتصار بِوَضْع الْحجَّاج وتقريرها على الطّرق الجدلية مَعَ اعْتِقَاد الْخَطَأ والمرجوحية عِنْد الْمُجيب كَمَا يَفْعَله أهل الْخلاف إِلَّا على وَجه التدريب على نصب الْأَدِلَّة والتعليم لسلوك الطَّرِيق بعد بَيَان مَا هُوَ الْحق فَالْحق أَعلَى من أَن يعلى وأغلب من أَن يغلب وَذَلِكَ أَن كل من يَهْتَدِي لنصب الْأَدِلَّة وَتَقْرِير الْحجَّاج لَا يرى الْحق أبدا فِي جِهَة رجل قطعا ثمَّ إِنَّا لَا نرى منصفا فِي الْخلاف ينتصر لغير مَذْهَب صَاحبه مَعَ علمنَا بِرُؤْيَة الْحق فِي بعض آراء مخالفيه وَهَذَا تَعْظِيم للمقلدين بتحقير الدّين وإيثار الْهوى على الْهدى وَلم يتبع الْحق أهواءهم وَللَّه در عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَي بَحر علم ضم جنباه إِذْ قَالَ لكميل بن زِيَاد لما قَالَ لَهُ أترانا نعتقد أَنَّك على الْحق وَإِن طَلْحَة وَالزُّبَيْر على الْبَاطِل أعرف الرِّجَال بِالْحَقِّ وَلَا تعرف الْحق بِالرِّجَالِ أعرف الْحق لتعرف رِجَاله وَمَا أحسن قَول أرسطو لما خَالف أستاذه أفلاطون تخاصم الْحق وأفلاطون وَكِلَاهُمَا صديق لي وَالْحق أصدق مِنْهُ وَقَالَ الشَّيْخ أَحْمد زَرُّوق فِي عُمْدَة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute