للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من ألزم نَفسه آدَاب السّنة نور الله قلبه بِنور الْمعرفَة وَلَا مقَام أشرف من مُتَابعَة الحبيب ص فِي أَفعاله وَأمره وأقواله وأخلاقه وَقَالَ أَبُو حَمْزَة الْبَغْدَادِيّ لَا دَلِيل على طرق الله إِلَّا بمتابعة الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أَفعاله وَأمره وأقواله وأحواله وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَان الدَّارَانِي إِنَّه لتقع النُّكْتَة من كَلَام الْقَوْم فِي قلبِي فَأَقُول لَهَا لَا أقبلك إِلَّا بشاهدي عدل الْكتاب وَالسّنة

وَسُئِلَ الشبلي عَن التصوف فَقَالَ هُوَ اقْتِدَاء برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ الله تَعَالَى {قل هَذِه سبيلي أَدْعُو إِلَى الله على بَصِيرَة أَنا وَمن اتبعني} فَتبين أَن التبصر فِي الدّين أصل من أُصُوله وَأَن من أَخذ الْأُمُور أما لَهُ فِي عماية فَلَيْسَ بمتبع للشَّرْع لَكِن النَّاس ثَلَاثَة عَالم مُتَمَكن وتبصره فِي الْمسَائِل لطلب الدَّلِيل وَإِن لم يكن مُجْتَهدا ومتوسط فِي الْأَمريْنِ بَين الْعَامَّة وَالْعُلَمَاء فَلَا يَصح أَتْبَاعه إِلَّا لمن تبصر فِي شَأْنه وَأوجب لَهُ مَا علم من الشَّرِيعَة إِن هَذَا مِمَّن يقْتَدى بِهِ ثمَّ لَا يَأْخُذ مِنْهُ مَا يأباه مَا علمه من قَوَاعِد الشَّرِيعَة إِذْ لَا يجوز لأحد أَن يتَعَدَّى {وَلَا تقف مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم} وعامي وَحقه أَن يقف مَعَ مَالا يشك فِي حَقِيقَته من تقوى الله تَعَالَى وَذكره وَالْعَمَل على الجادة الَّتِي لَا يشك فِيهَا وَإِلَّا فَهُوَ مستهزئ بِدِينِهِ ومتلاعب بِهِ فَاعْلَم ذَلِك وَإِن لم يكن الْفَتْح فِيمَا جَاءَ عَن الله وَرَسُوله ص فَفِي أَي شَيْء يكون نسْأَل الله تَعَالَى السَّلامَة

وَقَالَ أَحْمد بن حصرويه الدَّلِيل لائح وَالطَّرِيق وَاضح والداعي قد أسمع فَمَا التحير بعد هَذَا إِلَّا من الْعَمى

وَقَالَ ابْن عَطاء الله فِي حكمه لَا نَخَاف عَلَيْك أَن تَلْتَبِس الطَّرِيق عَلَيْك وَإِنَّمَا نَخَاف عَلَيْك من غَلَبَة الْهوى عَلَيْك وَقَالَ أَيْضا تمكن حلاوة الْهوى من الْقلب هُوَ الدَّاء العضال قَالَ بَعضهم نحت الْجبَال بالأظافير أيسر من زَوَال الْهوى إِذا تمكن قَالَ الله تَعَالَى {أَفَرَأَيْت من اتخذ إلهه هَوَاهُ وأضله الله على علم} الْآيَة {وَمن لم يَجْعَل الله لَهُ نورا فَمَا لَهُ من نور} انْتهى كَلَام الشَّيْخ زَرُّوق

قَالَ الْقَرَافِيّ فِي الفروق من قَوَاعِده مَا نَصه تَنْبِيه كل شَيْء أفتى بِهِ الْمُجْتَهد فَوَقَعت فتواه فِيهِ على خلاف الْإِجْمَاع أَو الْقَوَاعِد أَو النَّص أَو الْقيَاس الْجَلِيّ السَّالِم عَن الْمعَارض الرَّاجِح لَا يجوز لمقلده أَن يَنْقُلهُ إِلَى النَّاس وَلَا يُفْتِي بِهِ فِي دين الله تَعَالَى فَإِن هَذَا الحكم لَو حكم بِهِ حَاكم لنقضناه وَمَا لَا نقره شرعا بعد تقرره بِحكم الْحَاكِم الْمُجْتَهد أولى أَن لَا نقره شرعا إِذا لم يتَأَكَّد وَهَذَا لم يتَأَكَّد فَلَا نقره شرعا والفتيا بِغَيْر شرع حرَام فالفتيا بِهَذَا الحكم حرَام وَإِن كَانَ الإِمَام الْمُجْتَهد الَّذِي أفتى بِهِ غير عَاص بِهِ بل مثاب عَلَيْهِ لِأَنَّهُ بذل جهده على حسب مَا أَمر بِهِ وَقد ورد إِذا اجْتهد الْحَاكِم فَأَخْطَأَ فَلهُ أجر وَاحِد وَإِن أصَاب فَلهُ أَجْرَانِ فعلى هَذَا يجب

<<  <   >  >>