النَّوَازِل بعد ظُهُور كَون رأى ذَلِك الإِمَام مُخَالفا لنَصّ كتاب أَو سنة أَو إِجْمَاع أَو قِيَاس جلي عِنْد الْقَائِل بِهِ وَعلم الْمُقَلّد النَّص الْمَذْكُور فصمم على التَّقْلِيد فَهُوَ كَاذِب فِي دَعْوَاهُ اقتداءا بِالْإِمَامِ الْمَذْكُور وكاذب فِي تَقْلِيده بل هُوَ مُتبع لهواه وعصبيته وَالْأَئِمَّة كلهم بريئون مِنْهُ فَهُوَ مَعَ الْأَئِمَّة بِمَنْزِلَة أَحْبَار اهل الْكتاب مَعَ أَنْبِيَائهمْ فَإِنَّهُم يدعونَ اتِّبَاع أَنْبِيَائهمْ مَعَ أَن الْأَنْبِيَاء قد أمروهم بِاتِّبَاع مُحَمَّد ص وَالْإِيمَان بِهِ وَنَصره وهم يكذبُون النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويؤذونه وَيلْزم من تكذيبهم للنَّبِي ص تكذيبهم جَمِيع الْأَنْبِيَاء لِأَن كل وَاحِد مِنْهُم قد آمن بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخذ الْمِيثَاق على أمته أَن يصدقُوا بِمُحَمد ص وينصرونه كَمَا أَخذ الله تبَارك وَتَعَالَى مِنْهُم الْمِيثَاق بذلك فدعوى أَحْبَار أهل الْكتاب الَّذين كذبُوا مُحَمَّدًا ص كَونهم على دين مُوسَى وَعِيسَى عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام كَاذِبَة فموسى وَعِيسَى وَجَمِيع الْأَنْبِيَاء صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِم بريئون من هَؤُلَاءِ الْأَحْبَار وهم مكذبون بِجَمِيعِ الْأَنْبِيَاء صلوَات الله عَلَيْهِم وَهَكَذَا شَأْن من جمد على التَّقْلِيد لأحد الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة فِي مَسْأَلَة خَالف رَأْي ذَلِك الْمُجْتَهد إِحْدَى الْأُصُول الْمَذْكُورَة وَعلم الْمُقَلّد الْمَذْكُور أَن رَأْي الإِمَام الْمَزْبُور خَالف أصُول الشَّرِيعَة فصمم على التَّقْلِيد فَهُوَ كَاذِب فِي دَعْوَاهُ التَّقْلِيد ومخالف لإمامه بل هُوَ مُخَالف للأئمة الْأَرْبَعَة لِأَن كل وَاحِد مِنْهُم قد حذر أَصْحَابه من مُخَالفَة الْأُصُول الشَّرْعِيَّة الْمَذْكُورَة فالأئمة الْأَرْبَعَة بريئون مِنْهُ وَهُوَ بَرِيء مِنْهُم وَهُوَ مُبْتَدع مُتبع لهواه ضال مضل لَا يشك كل مُسلم فِي ذَلِك
قَالَ عُثْمَان بن عمر جَاءَ رجل إِلَى مَالك بن أنس فَسَأَلَهُ عَن مَسْأَلَة فَقَالَ لَهُ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَذَا وَكَذَا فَقَالَ الرجل أَرَأَيْت فَقَالَ مَالك {فليحذر الَّذين يخالفون عَن أمره أَن تصيبهم فتْنَة أَو يصيبهم عَذَاب أَلِيم} قَالَ مَالك لم تكن من فتيا النَّاس أَن يُقَال لَهُم لم قلت هَذَا كَانُوا يكتفون بالرواية ويرضون بهَا
قَالَ الْجُنَيْد رَضِي الله عَنهُ الطّرق كلهَا مسدودة إِلَّا على من اقتفى أثر الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَقَالَ أَيْضا علمنَا مُقَيّد بِالْكتاب وَالسّنة فَمن لم يسمع الحَدِيث ويجالس الْفُقَهَاء وَيَأْخُذ أدبه عَن المتأدبين أفسد من يتبعهُ
وَقَالَ سهل بن عبد الله التسترِي بنيت اصولنا على سِتَّة أَشْيَاء كتاب الله تَعَالَى وَسنة رَسُوله ص وَأكل الْحَلَال وكف الْأَذَى وَاجْتنَاب الآثام وَأَدَاء الْحُقُوق
وَقَالَ أَبُو عُثْمَان الْحِمْيَرِي رَضِي الله عَنهُ من أَمر السّنة على نَفسه قولا وفعلا نطق بالحكمة وَمن أَمر الْهوى على نَفسه نطق بالبدعة
قلت وَهُوَ أَن يَأْتِي بِأَمْر لَا وَجه لَهُ وَلَا دَلِيل من صَاحب الشَّرِيعَة كَانَ خيرا أَو غَيره ثمَّ قَالَ قَالَ الله تَعَالَى {وَإِن تطيعوه تهتدوا} وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس بن عَطاء الله رَضِي الله عَنهُ