قلت وَقد صحّح ابْن بشير وَابْن خويز منداد أَن الْمَشْهُور مَا قوي دَلِيله وَقد حققته فِي تَقْوِيم الكفة فَمَا للْعُلَمَاء من حَدِيث الْجُبَّة والكف إِذا علمت أَن مَا خَالف الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع من أَقْوَال الْمُجْتَهدين وآرائهم لَيْسَ مذهبا لَهُم فَتعين على المتمسكين بمذاهبهم أَن يفتوا بِالْكتاب وَالسّنة وأقوال الْعلمَاء ليعلموا بذلك مَا هُوَ مَذْهَب لإمامهم وَمَا لَيْسَ مذهبا لإمامهم خلاف مَا لهج بِهِ الْمُتَأَخّرُونَ من فُقَهَاء الْمذَاهب الْأَرْبَعَة من اقتصارهم على المختصرات الخالية عَن الدَّلِيل وإعراضهم كل الْإِعْرَاض عَن كتب الحَدِيث وَالْخلاف وأصول الحَدِيث وَالْفِقْه فهم على هَذَا اجهل النَّاس لمذاهب أئمتهم جهلا مركبا لِأَن الآراء الَّتِي يَعْتَقِدُونَ أَنَّهَا مَذَاهِب أئمتهم بَعْضهَا مُخَالف للْكتاب اَوْ السّنة أَو الْإِجْمَاع وَالْأَئِمَّة بريئون من كل مَا يُخَالف الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع
وَقد قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى مَا من أحد إِلَّا وَتذهب عَلَيْهِ سنة لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتعزب عَنهُ وَقد جمع ابْن دَقِيق الْعِيد رَحمَه الله تَعَالَى الْمسَائِل الَّتِي خَالف مَذْهَب كل وَاحِد من الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة الحَدِيث الصَّحِيح انفرادا واجتماعا فِي مُجَلد ضخم وَذكر فِي أَوله أَن نِسْبَة هَذِه الْمسَائِل إِلَى الْأَئِمَّة الْمُجْتَهدين حرَام وَأَنه يجب على الْفُقَهَاء المقلدين لَهُم مَعْرفَتهَا لِئَلَّا يعزوها إِلَيْهِم فيكذبوا عَلَيْهِم هَكَذَا نَقله عَنهُ تِلْمِيذه الأدفوي نقلته من تذكرة الشَّيْخ عِيسَى الثعالبي الْجَعْفَرِي الجزائري منشأ الْمَكِّيّ وَفَاة رَحمَه الله تَعَالَى
وَقَالَ الْهَيْثَم بن جميل قلت لمَالِك بن أنس يَا أَبَا عبد الله إِن عندنَا قوما وضعُوا كتبا يَقُول أحدهم حَدثنَا فلَان عَن فلَان عَن عمر بن الْخطاب بِكَذَا وَكَذَا فلَان عَن إِبْرَاهِيم بِكَذَا ونأخذ بقول إِبْرَاهِيم قَالَ مَالك وَصَحَّ عِنْدهم قَول عمر قلت إِنَّمَا هِيَ رِوَايَة كَمَا صَحَّ عِنْدهم قَول إِبْرَاهِيم فَقَالَ مَالك هَؤُلَاءِ يستتابون ذكره ابْن الْقيم بِسَنَدِهِ إِلَى مَالك ثمَّ قَالَ فَإِذا كَانَ تَارِك قَول عمر يُسْتَتَاب فَكيف من ترك قَول الله عز وَجل وَقَول رَسُوله ص بقول من هُوَ دون إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَو مثله انْتهى
قلت وَيَعْنِي فَيكون عِنْد مَالك من أكفر الْكَافرين بِحَيْثُ لَا يُسْتَتَاب بل هُوَ زنديق وَالله تَعَالَى أعلم
قَالَ ابْن قيم وَقَالَ ابْن وهب سَمِعت مَالِكًا يَقُول الزم مَا قَالَه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حجَّة الْوَدَاع أَمْرَانِ تركتهما فِيكُم لن تضلوا مَا تمسكتم بهما كتاب الله وَسنة نبيه ص وَقَالَ مَالك كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِمَام الْمُسلمين وَسيد الْعَالمين إِذا سُئِلَ عَن الشَّيْء فَلَا يُجيب حَتَّى يَأْتِيهِ الْوَحْي من السَّمَاء فَإِذا كَانَ رَسُول رب الْعَالمين لَا يُجيب إِلَّا بِالْوَحْي وَإِلَّا لم يجب فَمن الجرأة الْعَظِيمَة إِجَابَة من أجَاب بِرَأْيهِ أَو قِيَاس أَو تَقْلِيد من يحسن الظَّن بِهِ أَو عرف أَو عَادَة أَو سياسة أَو ذوق أَو كشف أَو مَنَام أَو اسْتِحْسَان أَو حرص وَالله الْمُسْتَعَان على كل من يُبدل دينه انْتهى من أَعْلَام الموقعين
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute