قصد إِلَى اجْتِهَاد فِي الْأَدِلَّة لجهله فَذَلِك أَيْضا بَاطِل لِأَن الحكم بِمُجَرَّد الظَّن فسق وظلم وَخلاف الْحق وَيفْسخ هَذَا الحكم القَاضِي نَفسه وَغَيره وَلَو وَافق الْحق إِذا ثَبت عِنْده أَنه على هَذَا الْوَجْه حكم انْتهى وَالله تَعَالَى أعلم
وَقَالَ الْحطاب عِنْد قَول خَلِيل ونبذ حكم جَائِر جَاهِل الخ الْجَاهِل إِن لم يشاور الْعلمَاء تطرح أَحْكَامه مُطلقًا أَي وَافق الصَّوَاب أم لَا لِأَن أَحْكَامه كلهَا بَاطِلَة لِأَنَّهَا بالتخمين قَالَ الرنشرشي فِي معياره وَأما مسح الْوَجْه باليدين عقب الدُّعَاء فَقَالَ مَالك فِيهِ لما سُئِلَ عَنهُ مَا عَلمته قَالَ الرنشرشي فقد جَازَ ذَلِك فِي الحَدِيث الصَّحِيح لخَبر التِّرْمِذِيّ عَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا رفع يَدَيْهِ فِي الدُّعَاء لم يحطهما حَتَّى يمسح بهما وَجهه
قَالَ أَبُو عِيسَى صَحِيح غَرِيب فَأَنت ترى هَذَا الْخَبَر الصَّحِيح كَيفَ أثبت الْمسْح وَمَعَ ثُبُوت الْخَبَر لَا يسع مُخَالفَته لَا سِيمَا وَالْإِمَام رَضِي الله عَنهُ إِنَّمَا قَالَ لما سُئِلَ عَن ذَلِك مَا علمت فَدلَّ كَلَامه على أَنه لم يبلغهُ خبر بِهِ أَو بلغه مِمَّن لَا يوثق بِهِ فَلَمَّا وجده أَبُو عِيسَى وَهُوَ مِمَّن يوثق بِهِ وَجب الْمصير إِلَيْهِ كَمَا قَالَ الشَّافِعِي إِذا صَحَّ الحَدِيث فَهُوَ مذهبي وَإِلَّا فاضربوا بمذهبي عرض هَذَا الْحَائِط وَمِمَّنْ أَخذ بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُور ابْن رشد وَابْن رشيد وَالْغَزالِيّ وَالنَّوَوِيّ وَغَيرهم وَقد ذكرت أَن فِي مَسْأَلَة الْمسْح اخْتِلَافا وَالرَّاجِح مَا وَافق الحَدِيث الصَّحِيح من ذَلِك وَهُوَ اسْتِعْمَاله انْتهى
وَذكر نور الدّين السنهوري أَنه ثَبت عَن مَالك نَحْو مَا ثَبت عَن الشَّافِعِي فقد قَالَ ابْن مسدى فِي منسكه روينَا عَن معن بن عِيسَى قَالَ سَمِعت مَالِكًا يَقُول إِنَّمَا أَنا بشر أخطئ وَأُصِيب فانظروا فِي رَأْيِي كل مَا وَافق الْكتاب وَالسّنة فَخُذُوا بِهِ ومالم يُوَافق الْكتاب وَالسّنة فاتركوه انْتهى قَالَ ابْن مسدى فقد علم أَن كل مَا خَالف الْكتاب وَالسّنة من آراء مَالك فَلَيْسَ بِمذهب لَهُ بل مذْهبه مَا وَافق الْكتاب وَالسّنة كَمَا هُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي وَالله تَعَالَى أعلم
قلت وَقد نقل الأَجْهُورِيّ والخرشي هَذَا الْكَلَام وَأَقَرَّاهُ فِي شرحهما على مُخْتَصر الْخَلِيل
وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو الْحُسَيْن فِي شَرحه على رِسَالَة ابْن أبي زيد عِنْد قَوْله فَإِن شَاءَ غسل رجلَيْهِ وَإِن شَاءَ أخرهما إِلَى آخر غسله مَا نَصه دَلِيل الْمَشْهُور على مَا فِي الْمُوَطَّأ أَنه عَلَيْهِ وعَلى آله الصَّلَاة وَالسَّلَام كَانَ إِذا اغْتسل من الْجَنَابَة توضأوضوءه للصَّلَاة الحَدِيث فَظَاهره أَنه كمل وضوءه قَالَ شَيخنَا وَالْقَوْل بِالتَّأْخِيرِ أظهر من الْمَشْهُور لما فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام كَانَ يُؤَخر غسل رجلَيْهِ إِلَى آخر غسله فيغسلهما إِذْ ذَاك وَهَذَا صَرِيح وَمَا تقدم ظَاهر وأنى يُقَاوم الظَّاهِر الصَّرِيح فَيكون هذاالقول هُوَ الْمَشْهُور بناءا على أَن الْمَشْهُور مَا قوي دَلِيله انْتهى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute