للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَفَعَلُوا فَقَالَ استقبلوا بِي الْقبْلَة فَفَعَلُوا فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّك أَمرتنِي فعصيت وائتمنتني فخنت وحددت لي فتعديت اللَّهُمَّ لَا بَرِيء فأعتذر وَلَا قوي فأنتصر بل مذنب مُسْتَغْفِر لَا مصر وَلَا مستكبر ثمَّ قَالَ لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ إِنِّي كنت من الظَّالِمين فَلم يزل يُرَدِّدهَا حَتَّى مَاتَ

وَقَوله لحرسه وَرِجَاله هَل تغنون عني من الله شَيْئا إِنَّمَا فعل ذَلِك تصغيرا لنَفسِهِ وتحقيرا وليريها رُؤْيَة مُشَاهدَة أَن الَّذين كَانُوا يغنون عَنهُ فِي الدُّنْيَا لَا يغنون عَنهُ عِنْد نزُول الْمَوْت شَيْئا

ويروى أَن ابْنه عبد الله قَالَ لَهُ يَا أَبَت مَا كنت أَظن أَن ينزل بك أَمر من الله إِلَّا صبرت عَلَيْهِ فَقَالَ يَا بني نزل بأبيك ثَلَاث خِصَال فِرَاق أحبته وَانْقِطَاع أمله وَالثَّالِثَة هول المطلع ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّك أمرت فتوانيت ونهيت فعصيت اللَّهُمَّ من شيمتك الْعَفو والتجاوز

وَلما حضرت مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان الْوَفَاة رَضِي الله عَنهُ قَالَ أقعدوني فأقعدوه فَجعل يذكر الله تَعَالَى ويسبحه ويقدسه ثمَّ قَالَ الْآن تذكر رَبك يَا مُعَاوِيَة بعد الانحطام والانهدام أَلا كَانَ ذَلِك وغصن الشَّبَاب نضير رَيَّان وَبكى حَتَّى علا بكاؤه ثمَّ قَالَ

هُوَ الْمَوْت لَا منجى من الْمَوْت وَالَّذِي ... أحاذر بعد الْمَوْت أدهى وأفظع

ثمَّ قَالَ يَا رب ارْحَمْ الشَّيْخ العَاصِي ذَا الْقلب القاسي اللَّهُمَّ أقل العثرة واغفر الزلة وجد بِحِلْمِك على من لم يرج غَيْرك وَلَا وثق بِأحد سواك ثمَّ قَالَ لِابْنِهِ يزِيد يَا بني إِذا وفى أَجلي فاعمد إِلَى المنديل الَّذِي فِي الخزانة فَإِن فِيهِ ثوبا من أَثوَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقراضة من شعره وأظفاره فَاجْعَلْ الثَّوْب مِمَّا يَلِي جَسَدِي وَاجعَل أكفاني فَوْقه وَاجعَل القراضة فِي فمي وأنفي وعيني فَإِن نَفَعَنِي شَيْء فَهَذَا فَإِذا جعلتموني فِي قَبْرِي فَخلوا مُعَاوِيَة وأرحم الرَّاحِمِينَ

ويروى أَنه قَالَ فِي جملَة مَا قَالَ يَا لَيْتَني كنت رجلا من سَائِر قُرَيْش بِذِي طوى وَلم أل من هَذَا الْأَمر شَيْئا

وَلما حضرت أَبَا هُرَيْرَة الْوَفَاة بَكَى فَقيل لَهُ مَا يبكيك فَقَالَ يبكيني بعد

<<  <   >  >>