وَفِي الْخَبَر أَيْضا أَن الْقَبْر رَوْضَة من رياض الْجنَّة أَو حُفْرَة من حفر النَّار وَقد تقدم الحديثان ٢
وَأَنت أعلم بحالك وَبِمَا قدمت من أعمالك فتخيل بَين عَيْنَيْك وثوب مُنكر وَنَكِير عَلَيْك وَفِي اسميهما مَا يدل على وصفيهما وقولهما وفعلهما وَقد بدا لَك بعض مَا يعذبان بِهِ ذَلِك الممتحن وَمَا يسومان بِهِ ذَلِك البائس الْمُرْتَهن
وَاعْلَم أَن عَذَاب الْقَبْر لَيْسَ مُخْتَصًّا بالكافرين وَلَا مَوْقُوفا على الْمُنَافِقين بل يشاركهم فِيهِ طَائِفَة من الْمُؤمنِينَ وكل على حَاله من عمله وَمَا استوجبه بخطيئته وزلله وَإِن كَانَت تِلْكَ النُّصُوص الْمُتَقَدّمَة فِي عَذَاب الْقَبْر إِنَّمَا جَاءَت فِي الْكَافِر وَالْمُنَافِق وَمن أَيْن لَك بالأمان من تِلْكَ الصّفة المذمومة والأعمال المشئومة وَإِنَّمَا الْأَعْمَال بالخواتيم وَمَا ختم لَك بِهِ فَهُوَ الْوَاجِب عَلَيْك وَاللَّازِم والطوق فِي عُنُقك الْمُقِيم الدَّائِم وَعَذَاب الْمُؤمن لَا يكون كعذاب الْكَافِر وَالْحَمْد لله
قد يكون عَذَاب الْمُؤمن فِي ضمة الْقَبْر أَو ضيقه أَو صعوبة منظره أَو بِمَا يُصِيبهُ من الروعات عِنْد مُشَاهدَة تِلْكَ الزلات وبالحسرات على مَا سلف لَهُ من الجهالات وبالندامات على مَا مضى من السَّاعَات أَو بِمَا شَاءَ الله تَعَالَى فَيكون من ذَلِك مَا شَاءَ الله أَن يكون ويدوم ذَلِك مَا شَاءَ الله أَن يَدُوم فَإِن أمنت ذَلِك الْعَذَاب الْأَكْبَر فَمَا الَّذِي أمنك من هَذَا الَّذِي هُوَ بِالْإِضَافَة إِلَيْهِ عَذَاب أَصْغَر فتفكر مَا دَامَ ينفعك التفكر وتخيل مَا دمت ترجو ثَمَرَة هَذَا التخيل إِذا طرحت فِي حُفْرَة من الأَرْض قَصِيرَة الطول ضيقَة الْعرض فاشتدت بهَا وحشتك واستبانت غربتك وانضمت عَلَيْك ضمة كسرت أَنْفك وشدخت رَأسك ورضت عظامك وسدت وَرَاءَك وأمامك وتحتك وفوقك وملأت ظلمَة أَرْضك وأفقك فيالك من قلب قد نكس وبدن قد هرس وَنَفس قد قصر وَحبس فَأَرَدْت أَن تَفِر فَلم تتْرك وَأَرَدْت أَن تستغيث فَلم تملك وَلَا تَدْرِي مَا يَدُوم وَلَا مَتى تدْرك أَن تقعد أَو تقوم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute