للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

- الْغَرِيب الوجد السعَة قَالَ الله تَعَالَى {من حَيْثُ سكنتم من وجدكم} الْمَعْنى قَالَ الواحدى هَذَا مثل ضربه لنَفسِهِ كَأَنَّهُ يَقُول أَنا أتعب خلق الله لزِيَادَة همتى وقصور طاقتى من العى عَن مبلغ مَا أهم بِهِ وَهَذَا مَأْخُوذ مِمَّا فى الحَدِيث " إِن بعض الْعُقَلَاء سُئِلَ عَن أَسْوَأ النَّاس حَالا فَقَالَ من قويت شَهْوَته وبعدت همته واتسعت مَعْرفَته وَضَاقَتْ مقدرته " وَقد قَالَ الْخَلِيل بن أَحْمد

(رُزِقْتُ لُباًّ وَلم أُرْزَقْ مروءته ... وَمَا المروء إِلَّا كَثْرَة المَال ... ) إِذا أردْت مساماة تَقاعَدُ بِى ... عَمَّا يُنَوِّهُ باسمِى رِقَّةُ الحالِ)

وأصل هَذَا كُله من قَول الْحَكِيم أتعب النَّاس من قصرت مقدرته واتسعت مروءته

١٠ - الْمَعْنى يَقُول لَا تسرف فى الْعَطِيَّة فالإسراف غير مَحْمُود وَلَا تذْهب مَالك كُله فى طلب الْمجد والرياسة لِأَن الْمجد لَا يعْقد إِلَّا بِالْمَالِ فَإِذا ذهب المَال انحل ذَلِك العقد الذى كَانَ يعْقد بِالْمَالِ أَلا ترى إِلَى قَول الشَّاعِر عبد الله بن مُعَاوِيَة

(أرَى نفسِى إِلَى أُمورٍ ... يٌ قصِّرُ دُون مَبلغهنّ مالى)

(فَلَا نَفْسِى تُطاوِعنى لبُخْلٍ ... وَلا مالى يبلِّغُنِى فَعالى)

يتأسف على قُصُور مَاله عَن مبلغ مُرَاده وَأَبُو الطّيب يَقُول ينبغى أَن تقصد فى الْعَطاء وتدخر الْأَمْوَال لتعطيك الرِّجَال فتنال الْعلَا وَتصل إِلَى الشّرف وَضرب لَهُ مثلا فَقَالَ

١١ - الْمَعْنى يُرِيد لَا يقوم الْكَفّ إِلَّا بالزند وَكَذَا الْأَعْدَاء لَا تبيدهم إِلَّا بِالْمَالِ فَجعل الْكَفّ مثلا للمجد والزند مثلا لِلْمَالِ فَكَمَا لَا يحصل الضَّرْب إِلَّا باجتماع الْكَفّ والزند كَذَلِك لَا يحصل الْعُلُوّ وَالْكَرم إِلَّا باجتماع المَال وَالْمجد فهما قرينان وَقد بَينه فِيمَا بعده

<<  <  ج: ص:  >  >>