وما أعرف له أقوى حجة منه أو لعله أراد بقوله دروك فعولا من الدرك وهي لغية لبعض الأمم تكلمت بها العربُ.
ثم بدأ السائل فسأل عن الحِيّ والحَيّوت ولم أقف على صحة سُؤَاله لأني وجدتُ الأبيات مكتوبة بخطٍ يئن سقماويتخيل بأبي براقش تصحيفا وتغيرا فإن كان سأل عن الحِيّ بكسر الحاء فقد أنشد أهل العلم قول العجاج: // من الرجز //
(وقد نرى إذا الحياة حِيُّ ... وإذْ زَمَانُ النَّاس دَغْفَلِيَُّ)
فقالوا: الحي: الحياة وأو جمع الحياةَ فأما كونه بمعنى الحياةَ فوزنُه على فعل فيجوز على مذهب سيبويه أن يكون وزنه فعل وهكذا مذهبه في قِيل ودِيل وعلى مذهب الأخفش لا يكون وزنُه إلا فُعْل لأنه لو كان وزنهُ على فَعل لجاء به على حي.
قال الأخفش: وإنما أجزتُ ذلك في الجمع لثقل الجمع وخفَّة الواحد وسيبويه يرى كسر أوله لأجل الياء وثقلها على كل حال فأما إذا كان جمعا فهو شاذ إن حملناه على فُعْل وأشذ شذوذا إن جعلناه فَعْل لأنه قد جاء في الجموع فُعْل مثل عُوط وإن كان جمع عائط فإن الفاعل والفَعل يتجاوران ويتقاربان لأنهما مصدر واسم فاعل لفعل واحد ولأن فَعْلاً قد يقع موقع فاعل فيقال للعادل: عَدْل وللزائر: زورفهذا من شذوذ الجمع على أي وَجْهيه كان ومعنى الشِّعر يتوجه على أن يكونَ الحِيّ بمعنى الحياة أكثر وأقوى كما تقول: إذ الزمان زَمان وإذ الناسُ ناس فإذا جعلناه في موضع الأحياء كان كأنا قلنا: إذ الإنسانيةُ ناس وإذ الفتوة فتيان وهو بعيد.