قُلْتُ: وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ سَمَّوْا أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَتِيقاً مِنْ هَذَا، لِكَوْنِهِ كَرِيماً. وَقِيلَ: إِنَّمَا سُمِّيَ بِذَلِكَ، لعتَاقَةِ وَجْهِهِ، أَيْ: لِحُسْنِهِ. وَقِيلَ: لأَنَّهُ عُتِقَ مِنَ النَّارِ، وَقِيلَ: سُمي عَتِيقاً لِقِدَمِهِ فِي الخَيْرِ. وَقِيلَ: لأَنَّ أُمَّهُ كَانَتْ لاَ يَعِيشُ لَهَا وَلَدٌ، فَلَمَّا وَلَدَتْهُ قَالَتْ: اللَّهُمَّ هَذَا عَتِيقُكَ مِنَ المَوْتِ فَهَبْهُ لِي، وَقِيلَ: لِشَرَفِهِ وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي نَسَبِهِ عَيْبٌ، وَيُقَالُ لِلشَّرِيفِ: العَتِيقُ، وَقِيلَ: لأَنَّ أُمَّهُ نَذَرَتْهُ لِلْكَعْبَةِ، كَمَا قَالَتْ حَنَّةُ: {نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا} [آل عمران: ٣٥] أَيْ: مُعْتَقاً. وَقَدْ حَضَرْتُ يَوْماً بِدِمَشْقَ مَعَ بَعْضِ مَنْ يَدَّعِي العِلْمَ، مَعَ أَنَّهُ لاَ يَفِي بِدَعْوَاهُ، فَقِيلَ فِي المَجْلِسِ: لأَيِّ شَيْءٍ سُمِّي البَيْتُ العَتِيقُ عَتِيقاً؟ فَنَقَلْتُ مع جُمْلَة الأَقْوَالِ أَنَّهُ إِنَّمَا سُمِّيَ عَتِيقاً لِقِدَمِهِ، فَأَنْكَرَ هَذَا المُدَّعِي هَذَا القَوْلَ وَقَالَ: إِنَّمَا هَذِهِ لُغَةُ العَوَامِّ، وَلَيْسَتْ بِعَرَبِيَّةٍ. فَاعْجَبْ لِجُرْأَةِ هَذَا الرَّجُلِ عَلَى أَهْلِ العِلْمِ، وَقُبْحِ هَذِهِ الدَّعْوَى، مَعَ شُهْرَةِ هَذَا القَوْلِ، ثُمَّ العَجَبُ مِنْهُ أَنَّهُ يَدَّعِي الاطِّلاَعَ عَلَى كِتَابِ الجَوْهَرِيّ، مَعَ أَنَّ الجَوْهَرِيَّ قَدْ نَصَّ عَلَى هَذَا القَوْلِ فِي كِتَابِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute