للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَرَأَيْتُ أَنَّ أَكْثَرَ مَا يَدُورُ عَلَى الأَلْسِنَةِ (فَعَلَ) المَفْتُوحُ العَيْنِ، وَأَنَّهُ فِي هَذَا البَابِ كَالسَّوَادِ مِنَ العَيْنِ، فَصَنَّفْتُ هَذَا الكِتَابَ، [وَ] جَمَعْتُ فِيهِ مَا جَاءَ مِنْ (فَعَلَ) بِفَتْحِ العَيْنِ، وَالمُضَارِعُ مِنْهُ بِالضَّمّ وَالكَسْرِ، مَعَ اخْتِلاَفِ المَعْنَى وَاتّفَاقِهِ، وَبَوَّبْتُهُ عَلَى حُرُوفِ المُعْجَمِ، فَجَاءَ كَالسِلْكِ المُحْكَمِ.

وَأَبْدَأُ كُلَّ بَابٍ بِمَا هُوَ مُتَّفِقُ المَعْنَى، لِيَكُونَ أَسْهَلَ لِلنَّاظِرِ وَأَهْنَى، وَبَدَأْتُهُ بِمُقَدِمَةٍ فِي أَحْكَامِ (فَعَلَ)، وَنَقْلِهِ، وَصَحِيحِهِ، وَمُعْتَلِّهِ، وَخَتَمْتَهُ بِفَصْلٍ فِيمَا يَتَعَدَّى مِنَ الأَفْعَالِ مَرَّةً دُونَ مَرَّةٍ، فَكَمُلَ تَأْلِيفُهُ بِأَنْفَسِ دُرّة، إِذْ هَذَا النَّوْعُ مِنَ الأَفْعَالِ مِنْ قَبِيلَ النَّادِرِ الَّذِي لاَ يُدْرِكُهُ إِلاَّ الحُفَّاظُ، وَلاَ يُمَيّزُهُ إِلاَّ مَنْ تَدَاوَلَتْ عَلَى سَمْعِهِ الأَلْفَاظُ.

وَقَدْ جَمَعَ النَّاسُ فِي الأَفْعَالِ تَصَانِيفَ حَصَلَ لَهُمْ بِهَا السَّبْقُ، وَوَجَبَ أَنْ لاَ يُشَامَ إِلاَّ ذَلِكَ البَرْقُ، وَلَكِنْ رَأَيْتُ إِفْرَادَ هَذَا الصّنْفِ مِمَّا تَكْثُرُ فَوَائِدُهُ، وَيُحْمَدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَائِدُهُ، وَهَذَا شَيْءٌ اقْتَضَبْنَاهُ بِيَدِ الاسْتِعْجَالِ، وَوَقَعَ مِنَّا مَوْقِعَ الشِعْرِ عِنْدَ الارْتِجَالِ. وَعَلَى كُلِّ وَجْهٍ، فَإِنَّ مَنْ جَمَعَ وَلَوْ مَسْأَلَتَيْنِ نَفَعَ عِلْمُ ذَلِكَ وَضَرَّ جَهْلُهُ، وَحَرَصَ عَلَى تَحْصِيلِهِ أَهْلُهُ، وَسَمَّيْتُهُ: بِـ (اقْتِطَافِ الأَزَاهِرِ، وَالتِقَاطِ الجَوَاهِرِ)، وَرَفَعْتُهُ إِلَى الخِزَانَةِ الشَّرِيفَةِ خِدْمَةً مُخَلَّدَةً فِي دَوَاوِينِهَا وَقَطْرَةً أَضَفْتُهَا إِلَى مَعِينِ عُيُونِهَا.

<<  <   >  >>