خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً، قالَ شَيْخُنَا: فإِنْ أَرادَ بِلَيالِيهَا فهِيَ سَبْعُمائَةٍ وعِشْرُونَ مِيلاً، وإِنْ أَرادَ الأَيّامَ فَقَط، كَمَا هُوَ الظّاهِرُ، فَثَلاثُمائَةٍ وستُّونَ مِيلاً، فهُوَ يُقَارِبُ القَوْلَ الأَوَّلَ، قَالَ البَلاذُرِيُّ: أَوَّلُ مَنْ غَزَاها جُنَادَةُ بنُ أُمَيَّةَ الأَزْدِيُّ، فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وخَمْسِينَ فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ، رَضِيَ الله تَعَالَى عَنْه، ثمَّ غَزَاهَا حُمَيْدُ بنُ مَعْيُوفٍ الهَمَذانِيُّ، فِي خِلافَةِ الرَّشِيدِ، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى، ثمُّغَزَاهَا فِي خِلافَةِ المَأْمُونِ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ عِيسَى الأَنْدَلُسِيُّ، فمَلَكَها وخَرَّبَ حُصُونَهَا، وذلِكَ فِي سنة، إِلَى أَنْ مُلِكَتْ فِي خِلَافَةِ المُطِيعِ، تَمَلَّكَهَا أَرْمانُوسُ بنُ قُسْطَنْطِينَ فِي سنة، قَالَ: وهِيَ الآنَ بِيَدِ الإِفْرِنْجِ، لَعَنَهُم الله تَعَالَى. قُلْتُ: وقَدْ يَسَّرَ اللهُ فَتْحَها فِي الزَّمَنِ الأَخِيرِ لِمُلوكِ آلِ عُثْمَانَ، أَيَّدَ اللهُ تَعَالَى دَوْلَتَهُم العَظِيمَةَ الشَّانِ، فأَزَالُوا عَنْهَا دَوْلَةَ الكُفْرِ، وعَمَرُوا حُصُونَهَا، وشَيَّدُوا أَرْكَانَها، فَهِيَ الآنَ بيَدِ المُسْلِمينَ، لَا زَلَتْ كَذلِكَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ. وإِقْرِيطِشَةُ، بهاءٍ: د، يُجْلَبُ مِنْهُ الجُبْنُ والعَسَلُ إِلى مِصْرَ. قُلْتُ: وكَلامُه هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ إِقْرِيطِشَةَ غَيْرُ إِقْرِيطِشَ، ولَيْسَ كَذلِكَ، بَلْ هُمَا وَاحِدٌ، وتُعْرَفُ الآنَ بكرِيد، وهِيَ الجَزِيَرَةُ بِعَيْنِهَا، وَهَذَا الاِسْمُ يُطْلَقُ عَلَى جَمِيعِهَا، وأَعْظَمُ قٌ رَاها وأَشْهَرُهَا حانِيَةُ، وهِيَ مَقَرُّ دارِ الإِمَارَةِ فِيهَا، ومِنْ هذِه الجَزِيرَةِ يُجْلَبُ الجُبْنُ الفائقُ، والعَسَلُ الجَيِّدُ الأَحْمَرُ والأَبْيَضُ إِلَى مِصْرَ وأَطْرَافِهَا، وغَيْرُهُمَا من الفَوَاكِه، كمَا هُو مَعْلُومٌ مُشَاهَدٌ، وَقد نُسِبَ إِلى هذِه الجَزِيرةِ فاتِحُهَا شُعَيْبُ ابنُ عُمَرَ بنِ عِيسَى الإِقْرِيطِشِيّ: سَمِعَ من يُونُسَ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى وغيرِه بِمصْر، وأَبُو بَكْرٍ مُحَمّدُ بنُ عِيسَى الإِقْرِيطِشِيّ: حَدَّثَ بدِمَشْق عَنْ مُحَمَّد ابنِ القاسِمِ المالِكِيّ، وَعنهُ عَبْدُ الله ابنُ مُحَمّدٍ النَّسَائِيّ، قالُه أَبو القاسِم ابنُ عَسَاكِر فِي التارِيخ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute