وتغضبُ حتّى إذا ما ملكتَ ... أطعتَ الرِّضى وعصيتَ الغضبْ
وقال فيه:
لسيفِ الدولةِ القدحُ المعلَّى ... إذا ازدحمَ الملوك على القداحِ
لأوسعهم مذانب ماءِ وادٍ ... وأغزرهم مدافعِ سيبٍ راحِ
وأروعَ جيشهُ ليلٌ بهيمٌ ... وغرَّتهُ عمودٌ من صباحِ
صفوحٌ عندَ قدرتهِ كريمٌ ... قليلُ الصَّفحِ ما بينَ الصّفاحِ
كأنَّ ثباتهُ للقلبِ قلبٌ ... وهيبتهُ جناحٌ للجناحِ
وقال فيه:
ألا قلْ لسيفِ الدولةِ القرمِ إنَّني ... على كلّ شيءٍ غيرِ وصفكَ قادرُ
فلا تلزمَنِّي خطةً لا أُطيقُها ... فمجدكَ غلاّبٌ وفضلكَ باهرُ
ولو لم يكنْ فخري وفخرُك واحداً ... لما سارَ عنِّي بالمدائحِ سائرُ
وقال أبو الطيب المتنبي:
هذا الذي أفنى النُّضارَ مواهباً ... وعداهُ قتلاً والزَّمانَ تجاربا
ومخيِّبُ العذَّال فيما أمَّلوا ... منه وليسَ يردُّ كفّاً خائبا
كالبدرِ من حيثُ التفتَّ رأيتَه ... يُهدي إلى عينيكَ نوراً ثاقبا
كالبحرِ يقذفُ للقريبِ جواهراً ... جُوداً ويبعثُ للبعيدِ سحائبا
كالشمسِ في كبدِ السماءِ وضوؤها ... يغشى البلادَ مشارقاً ومغاربا
وقال:
سرْ حيثُ شئت تحلُّه النوّارُ ... وأرادَ فيكَ مرادك المقدارُ
وإذا ارتحلتَ فشيَّعتكَ سلامةٌ ... حيثُ اتَّجهتَ وديمةٌ مدرارُ
وأراكَ دهركَ ما تحاولُ في العِدى ... حتّى كأنَّ صروفهُ أنصارُ
وصدرتَ أغنمَ صادرٍ عن موردٍ ... مرفوعةً لقدومكَ الأبصارُ
أبو نصر بن نباتة السعدي:
وقد زعموا أنِّي حنقتُ عليهم ... وما حنقي إلاّ على الدهرِ وحدهُ
فلستُ أخافُ الدهرَ بعدَ تشبُّثي ... بأثوابهِ فليبلغ الدهر جهدهُ
رميتُ به في نحرهِ وكأنَّه ... حسامٌ غداةَ الروعِ فارقَ غمدهُ
وحكّمني حتّى لو أنِّي سألته ... شبابي وقد ولَّى به الشيبُ ردَّهُ
ولولا قصور الشعر عن كُنه وصفه ... لكنتُ أظنُّ الشعر يعشق مجدهُ
فيا منْ إذا أفردته من جنودهِ ... رأيتَ المعالي والمحامدَ جندهُ
وقال أيضاً:
تخطَّتْ أكفَّ الباخلين فعرَّستْ ... بأروع معشوقِ الشمائلِ والفعلِ
يفرّق ما بين المكارم والغنى ... ويجمع ما بينَ الشجاعةِ والعقلِ
هو الماءُ للظمآن والنارُ للقِرى ... وحدُّ الظُّبى في الحرب والغيثُ في المحلِ
حباني ولم أستحبهِ متطوّلاً ... يرى جوده بعدَ السؤالِ من البخلِ
سأشكرُ ما أوليتني من صنيعةٍ ... ومثلُ الذي أوليتَ يشكرهُ مثلي
ومنها:
كشفتَ لها ثغراً نقيّاً وساعداً ... حميّاً وعيناً لا تنامُ على ذحلِ
تركتَ لهم صحنَ الرهانِ ونقعهُ ... وفزتَ بغاياتِ السوابقِ والخصلِ
كما ترك الظبيُ المنفّر ظلَّه ... لقانصهِ لو كانَ يقنعُ بالظلِّ
وقال:
جنى وهو طفلٌ ثمارَ العلى ... وسادَ الورى وهو لم يحتلمْ
تضام لرؤيته سجّداً ... وجوهُ الملوكِ التي لم تُضمْ
وفي التاجِ أبلجُ زانَ الجمالُ ... ديباجتي خدَّه بالشّممْ
قليل على المال إبقاؤه ... وما آفةُ المالِ إلاّ الكرمْ
وقال:
ولقد زهدتُ فكنتُ أكرمَ زاهدٍ ... ولقد رغبتُ فرمتُ خيرَ مرامِ
ومدحتُ من ولد الملوك متوّجاً ... متقابلَ الأخوالِ والأعمامِ
تسري قواضبهُ إلى أعدائهِ ... حتّى تعرِّسَ في مقيلِ الهامِ
ما زلتَ بالنعمِ الجسامِ تعمُّني ... وتخصّني بالبشرِ والإكرامِ
حتّى جرى جريالُ حبّكَ في دمي ... ومشى ودادكَ في مَشاشِ عظامِ
وقال:
غلبتَ على البلاغةِ كلَّ نطقٍ ... وعلّمتَ الإصابةَ كلَّ رامِ
وبات وميض برقك مستطيل ... يبشّرني بأنعمكَ الجسامِ
وقال:
ورجالٍ من فوز قدحك شكوا ... كنتَ منهم بالله أحسنَ ظنّا
كن عليهم في الجهر سيفاً ورمحاً ... وعليهم في السرّ عيناً وأُذنا
وقال:
فقل للطوالِ الشُّمِّ كعبِ بنِ عامرٍ ... وخصَّ سراةَ الحيِّ من غطفانِ