للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بأطيبَ من أردانِ عزةَ موهناً ... وقد أوقدتْ بالمندلِ الرطبِ نارُها

ورأيت بعض الأدباء ينشد:

وما أوقدت بالمندل الرطب

اعتذاراً لكثيّر وإصلاحاً لشعره. على أن العرب يصفون المرأة بهذا لدلالته على النعمة. وقال امرؤ القيس:

أغرَّكِ مني أنّ حبكِ قاتلي ... وأنكِ مهما تأمري القلبَ يفعل

وما ذرفتْ عيناكِ إلاّ لتضربي ... بسهميكِ في أعشار قلبٍ مقتل

زهير بن أبي سلمى:

ولما عرفتُ الدارَ قلتُ لربعها ... ألا عمْ صباحاً أيها الرَّبعُ وأسلم

وفيهنَّ ملهىً للطيف ومنظرٌ ... أنيقٌ لعينِ الناظرِ المتوسِّمِ

وقال جرير، وقيل إنه أغزل ما قيل:

إنَّ العيونَ التي في طرفها حورٌ ... قتلننا ثمَّ لم يحيينَ قتلانا

يصرعنَ ذا اللبِّ حتى لا حراكَ بهِ ... وهنَّ أضعفُ خلقِ الله أركانا

وأبيات أبي الشيص داخلة في باب الاختيار ومعدودة من محاسن الأشعار، ولولا أن بعض الأدباء قال كلاماً معناه أنه لا ينبغي لمن له أدنى حس أن يخل بحفظها ولا لجامع أن يخلي منها مجموعة لما ذكرتها لاشتهارها وهي:

وقفَ الهوى من حيثُ أنتِ فليس لي ... متأخرٌ عنهُ ولا متقدمُ

أجدُ الملامةَ في هواكِ لذيذةً ... حباً لذكركِ فليلمني اللُّومُ

أشبهتِ أعدائي فصرتُ أحبُّهمُ ... إذْ كانَ حظي منكِ حظي منهمُ

وأهنتني وأهنتُ نفسي عامداً ... ما منْ يهونُ عليكِ ممنْ يكرمُ

البيت الأول مستعمل وقد نقل من الغزل إلى المديح إلى الهجاء وأنا أذكر منه ما يتفق، فمن ذلك في الغزل:

تركتُ فيك المنى مفرقة ... وأنت منها بمجمع الطرقِ

ومثله في المديح:

إنَّ المكارم والمعروف أودية ... أحلكَ الله منها حيثُ تجتمعُ

ومثله لأبي نواس:

فما فاته جود ولا حلَّ دونه ... ولكنْ يسيرُ الجودُ حيثُ يسيرُ

وقريبٌ من هذا المعنى:

إنَّ السماحةَ والمروءةَ ضمنا ... قبراً بمرو على الطريقِ الواضحِ

ومثله أيضاً:

إنَّ السماحةَ والمروءةَ والندى ... في قبةٍ ضُربتْ على ابن الحشرجِ

غيره:

فتىً إذا عدّت تميمٌ معاً ... ساداتها عدّوه بالخنصرِ

ألبسه الله ثياب العلى ... فلم تطل عنه ولم تقصرِ

ومثله في الهجاء:

أنتمْ قرارةُ كلِّ معدنِ سَوءةٍ ... ولكلِّ سائلةٍ تسيلُ قرارُ

عدي بن زيد الرقاع:

لولا الحياءُ وأنَّ رأسيَ قد عسا ... فيه المشيبُ لزرتُ أمَّ القاسمِ

وكأنها بينَ النساءِ أعارها ... عينيهِ أحورُ من جآذرِ جاسمِ

وسنانُ أقصدهُ النعاسُ فرنّقتْ ... في عينه سنةٌ وليس بنائمِ

ذو الرمة، واسمه غيلان:

وقفتُ على ربعٍ لمميَّةَ ناقتي ... فما زلتُ أبكي عنده وأخاطبهُ

وأسقيهِ حتى كادَ مما أبثُّهُ ... تكلمني أحجارهُ وملاعبهُ

ومنها:

وقد حلفتْ بالله ميّةُ ما الذي ... أقولُ لها إلاّ الذي أنا كاذبه

إذاً فرماني الله من حيثُ أتقي ... ولا زال في أرضي عدوّ أحاربه

إذا نازعتكَ القولَ ميّةُ أو بدا ... لك الوجهُ منها أو نضا الدرعَ سالبه

فيا لك من خدٍّ أسيلٍ ومنطقٍ ... رخيمٍ ومن خلْقٍ تعلل جادبه

جادبه، بالدال المهملة: عائبه.

وقال:

نعمْ هاجتِ الأطلالُ شوقاً كفى به ... من الشوق إلاّ أنهُ غيرُ ظاهرِ

فما زلتُ أطوي النفسَ حتى كأنها ... بذي الرمثِ لم تخطرْ على قلبِ ذاكرِ

حياءً وإشفاقاً من الركبِ أن يروا ... دليلاً على مستودعاتِ السرائرِ

وقال:

حيِّيتَ من زائرٍ أنى اهتديتَ لنا ... وأنتَ منا بلا نحوٍ ولا صددِ

وقال:

وقفنا فسلّمنا فكادتْ بمشرفٍ ... لعرفانِ صوتي دمنةُ الدارِ تنطقُ

تجيشُ إليَّ النفسُ في كلِّ منزلٍ ... لميٍّ ويرتاعُ الفؤادُ المشوقُ

أراكِ إذا ما نمتُ يا ميُّ زرتني ... فيا عجباً لو أنَّ رؤياكِ تصدقُ

وقال:

لها بشرٌ مثلُ الحريرِ ومنطقٌ ... رخيمُ الحواشي لا هراءٌ ولا نزرُ

وعينانِ قالَ اللهُ كونا فكانتا ... فعولانِ بالألبابِ ما تفعلُ الخمرُ

وقال:

<<  <   >  >>