للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وغنج طرف دأبه دائماً ... أسرُ قلوبِ الناسِ بالسحرِ

لقد تصبّرت غداة النوى ... فذقت مثل الصبر من صبري

ورمت إخفاء غرامي بكم ... فنمّ دمعٌ أبداً يجري

كيف اصطباري وبقلبي هوىً ... أصابني من حيثُ لا أدري

وهل إلى الوصلِ سبيلٌ لمنْ ... باتَ من الأشواق في أسرِ

ومن شعري:

يا من جفا لما جفا طيب الكرى ... حاشاك ترضى في البعاد بما جرى

أسهرتني شوقاً إليك ونمت عن ... وجدِ امرئ حكمَ الهوى أن يسهرا

ورميتني بسهام هجرك ظالماً ... إذ ليس مثلي جائزاً أن يهجرا

قد كنت أحسبُ أنَّ صبري منجد ... حتى بعدت فما استطعت تصبّرا

ورأيت عيشي صافياً فنأيت عن ... عيني فغادره البعاد مكدّرا

من منصفي من ظبي أنس لم تزل ... ألحاظه تسطو على أسد الشرى

حلو الدلال يميس من خمر الصبا ... كالغصن رنّحهُ النسيم إذا سرى

قد قام عذري في هواه وما عسى ... اللاحي يقول وقد هويتُ معذّرا

وقلت أيضاً:

خبّروا الجسم عن لذيذ الرقاد ... فعساه يعافُ مرَّ السّهادِ

وصفوا لي حديثَ من قتلَ الح ... بُّ لعلّي أثني عنان فؤادي

همتُ وجداً بشادن يخجل الغص ... ن رطيباً بقدّه الميادِ

مذ حلا لي نبات عارضه النا ... ضر لم أدر ما طريق الرشادِ

لي قلب أرق من دمع عين ... يّ عليه في الهجر سهل القيادِ

لي صبرٌ عنه ولكنّ صبري ... ليس يرضى به سوى حسّادي

جائر في احتكامه أبداً يو ... لي التجافي على صحيح ودادي

أسهرتْ مقلتاه عيني فلما ... احتكم الحبّ نامَ عن إسعادي

هذا القول مأخوذ من قول البحتري:

أسهرتهِ حتى إذا هجر الكرى ... خلّيت عنه ونمتِ عن إسعاده

وأولها، وهي أبيات بديعة:

ردّي على المشتاق بعضَ رقاده ... أو فاشركيه في اتصال سهادهِ

وقسا فؤادك أن يلينَ للوْعةٍ ... باتت تقلقلُ في صميم فؤادهِ

ولقد عززتِ فهانَ طوعاً للهوى ... وجنبتهِ فعرفتِ ذلَّ قيادهِ

من منصفي من ظالم ملّكتهُ ... ودّي ولم أملك عشيرَ ودادهِ

إن كنتُ آملُ غيرَ سالفِ ودّهِ ... فرميتُ بعد صدودهِ ببعادهِ

وقلت في أخرى:

محيّاك أم بدر الدجنّة يشرق ... وريقك أم خمر شهيّ معتّقُ

وذا قدّك الميّال أم غصن بانةٍ ... ونشرك هذا أم سنا المسكِ يعبقُ

أيا قمراً قد قيّد القلبَ حبه ... وغادر دمعي وهو في الخد مطلقُ

لقد أسرفَ العذال فيك جهالةً ... ومثلك لا يسلوه من يتعشّقُ

وحقّ الهوى أفنيت صبري وأدمعي ... وأني في دعوى الغرام مصدّقُ

فرقّ لمأسورِ الصبابةِ والأسى ... فمن عادة الملاك أن يترفقوا

ومن أخرى:

يا ظباء الصريم عدنَ كئيبا ... لا يرى غير وصلكن طبيبا

صار حلف السهاد يرعى نجوماً ... صدّها فرط حبه أن تغيبا

ما دعاه الغرام إلاّ ولاقى ... منه أنّى دعا سميعاً مجيبا

تخذَ الحزن صاحباً حين صار ال ... هجر منكم حظّاً له ونصيبا

ورأى عطفكم بعيداً فأضحى ... برح ما تشتكيه منه قريبا

سلبت عقلهُ بديعةُ حسنٍ ... غادرت حسنَ صبرهِ مسلوبا

تخجل الشمس طلعةً وسنا البر ... قِ ابتساماً والغصن قدّاً رطيبا

وتفوق الشقيق خدّاً وكأس الرا ... حِ ريقاً والمسك نشراً وطيبا

وقلت أيضاً:

أعادَ لباس التصابي قشيبا ... يعير الغرام. . القلوبا

ولاح وماس دلالاً فخلتُ ... هلالاً منيراً وغصناً رطيبا

ظلوماً يراني عدوّاً له ... على زعمه وأراهُ حبيبا

دعا القلب حبك يا قاتلي ... فكان له إذ دعاهُ مجيبا

أمولاي رفقاً بذي لوعةٍ ... يبيتُ محبّاً ويضحي كئيبا

البيت الثالث أخذته من كشاجم حيث قال:

ما أنصفته يكونُ من أعدائها ... في زعمها وتكونُ من أحبابه

وقلت، وهو من شعر الصبا:

أيا هاجري من غير جرمٍ جنيتهُ ... ومن دأبهُ هجري وظلمي فديتهُ

أجرني رعاك الله من نارِ جفوةٍ ... وحرِّ غرامٍ في الفؤادِ اصطليته

<<  <   >  >>