للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِذا استغرق الْقَمَر فامضوا إِلَى أخي عبيد الله بن عبد الله بن طَاهِر ثمَّ قَامَ فاغتسل وَلَيْسَ أَكْفَانه وتحنط وَدخل إِلَى بَيت لَهُ ورد عَلَيْهِ الْأَبْوَاب واضطجع فَلَمَّا استغرق الْقَمَر فِي الْكُسُوف فاضت نَفسه فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَإِذا هُوَ ميت فَانْطَلقُوا إِلَى عبيد الله أَخِيه ليعلموه فَإِذا عبيد الله على طيار لَهُ على بَاب الْقصر قد سبقهمْ فَقَالَ لَهُم مَاتَ أخي قَالُوا نعم قَالَ مَا زلت آخذ الطالع حَتَّى استغرق الْقَمَر فِي الْكُسُوف فَعلمت أَنه قد قبض ثمَّ دخل فأكب عَلَيْهِ طَويلا

ثمَّ خرج وَهُوَ يَقُول

(هد ركن الحلافة الموطود ... زَالَ عتها السرادق الْمَمْدُود)

(حط فسطاطها الْمُحِيط عَلَيْهَا ... جذ أطنابها فَمَال العمود)

(أحد كَانَ خَدّه مثل حد السَّيْف ... والناد شب مِنْهَا الْوقُود)

(أحد كَانَ خَدّه من نحوس جمعت ... حَدهَا إِلَيْهِ الأجود)

(كسف الْبَدْر والأمير جَمِيعًا ... فانجلى الْبَدْر والأمير عميد)

(عاود الْبَدْر نوره لتجليه ... وَنور الْأَمِير مَالا يعود)

(أظلمت بعده الْخلَافَة ... فالدنيا عَلَيْهَا كآبة وجمود)

(الْأُمُور قد كَانَ دبر مِنْهَا مبرم ... قد قضى مِنْهَا عتيد)

(قد بكاه الْعرَاق والشرق ... والغرب فَمِنْهَا تهائم ونجود)

فَلَمَّا حمل على سَرِيره أنشأ يَقُول

(تداوله الْكَفّ على سَرِير ... أَلا لله مَا حمل السرير)

<<  <   >  >>