للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جَوَابا إِلَى الرَّسُول وَقد كَانَ الْجَواب مُمكنا وَالْحجّة متوجهة عَلَيْهِ وَالْخَطَأ فِي القَوْل لَازِما لَهُ وَذَلِكَ أَن رجال الْحَرْب بِمَثَابَة الْجَوَارِح الَّتِي لَا يجوز أَن تمرن بِعَمَل من الْأَعْمَال وَلَا مهنة من المهن غير اختطاف الْأَرْوَاح وصيد الرِّجَال وإعمال الْحِيلَة فِي التَّسْلِيم من اللِّقَاء وَالْكر والفر وَفِي الْإِقَامَة والتحيز فَلَمَّا صَارَت الرّوم أهل تناية وَأَصْحَاب فدان وزراعة ومهن وصناعة نَشأ الْأَبْنَاء على مَا عَلَيْهِ الْآبَاء فركنوا إِلَى الدعة وهابوا الحروب ونكصوا عَن لِقَاء الْأَعْدَاء وصيد الرِّجَال وصاروا جمع الْعَصَا وخشوا الْفلس فحينئذٍ صَار الرجل الْوَاحِد من الْمُسلمين لَا يهاب لِقَاء الْجمع الْكثير من الرّوم وَله تسلط عَلَيْهِم واقتدار على تَفْرِيق جَمَاعَتهمْ هَذَا مُضَاف إِلَى مَا وعد الله بِهِ فِي كِتَابه من النَّصْر وَأَن الْمِائَة مِنْهُم غالبة للمائتين بعد أَن زَالَ حكم الْوَاحِد بِعشْرَة رَحْمَة وتخفيفاً ثمَّ صَار الْملك مِنْهُم لَا تتَعَلَّق بِهِ رَغْبَة اذ هُوَ قَلِيل الملا نزر الجباية فَلَمَّا أحست الرّوم بِعَدَمِ الرَّغْبَة امْتنعت من الخطار بأنفسها وَقل من يعلم للآخرة مِنْهُم وَإِنَّمَا تخاطر التماساً للمثوبة وَالْجَزَاء وَتحقّق العلج مِنْهُم أَنه إِذا أسر وَحصل فِي بِلَاد الْإِسْلَام يُؤمر أَو يَقُود ويعفى من كد التَّعَب ودأب النصب وَيصير بعد الذل عَزِيزًا وَبعد

<<  <   >  >>