وقد أصحبت النصرانية في شغل شاغل بنفسها عن محاربة الفساد، وإصلاح الأمم.
يتحدث الأستاذ أبو الحسن الندوي عن المسيحية في القرن السادس الميلادي، فيقول: "لم تكن المسيحية في يوم من الأيام من التفصيل والوضوح ومعالجة مسائل الإنسان، بحيث تقوم عليها الحضارة، أو تسير في ضوئها دولة، ولكن كان فيها أثارة من تعاليم المسيح، وعليها مسحة من دين التوحيد البسيط، فجاء بولس فطمس نورها، وطعمها بخرافات الجاهلين التي انتقل منها، والوثنية التي نشأ عليها، وقضى قسطنطين على البقية الباقية، حتى أصبحت النصرانية مزيجاً من الخرافات اليونانية، والوثنية الرومانية، والأفلاطونية المصرية والرهبانية، اضمحلت في جنبها تعاليم المسيح البسيطة، كما تتلاشى القطرة في اليَم، وعادت نسيجاً خشبياً من معتقدات وتقاليد لا تغذي الروح، ولا تمد العقل، ولا تشعل العاطفة، ولا تحل معضلات الحياة، ولا تنير السبيل، بل أصبحت بزيادات المحرفين، وتأويل الجاهلين تَحُولُ بين الإنسان والعلم والفكر، وأصبحت على
١ فتح العرب لمصر للفرد بتلرج تعريب محمد فريد أبو حديد ص: ٣٧، ٣٨، ٤٧. وانظر: السيرة النبوية لأبي الحسن الندوي ص: ٢٣.