وعن معرفة وجود الله تعالى، والإيمان به، فإن القرآن الكريم يعتبر هذه القضية أمراً فطرياً في النفوس البشرية السليمة، وحقيقة بدهية لا تحتاج إلى جدال أو نقاش، فكل إنسان عاقل يدرك بنفسه هذه الحقيقة، بما أودعه الله تعالى فيه من فطرة يحس بها، دون الحاجة إلى منهج يسلكه لمعرفة ربه خالقه ورازقه.
والدلائل التي تحرك هذه الفطرة، وتشير إلى وجود الله تعالى أكثر من أن تحصى، إنها تنبعث من كل شيء على وجه الأرض، بل ومن كل شيء في السماء، أضف إلى ذلك النظام البديع، والدقة المتناهية في صنع هذه المخلوقات، والترتيب في سيرها وحركتها، فيدرك الإنسان بعقله وبصيرته أنّ هذا النظام وذلك الإبداع، لا يمكن أنْ يحدث من غير محدث، أو يوجد من غير موجد، لأنّ تلك المخلوقات عاجزة عن إيجاد ذلك النظام الدقيق، والترتيب المحكم من تلقائي نفسها.
لذلك فإنّ منهج القرآن الكريم ومسلكه في هذه القضية، البدء بالفطرة يوقظها ويذكرها بما هو مغروس في أعماقها، ليجد أنها معترفة ومقرة بوجود الخالق العظيم، وأنها في ذلك لا تحتاج إلى دليل.