للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {فَحَشَرَ فَنَادَى فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى} ١، فقد وضّح القرآن الكريم أن فرعون وملأه قد عرفوا الحق في أنفسهم، ولكن منعهم الكبر والطغيان عن اتباعه، قال تعالى: {فَلَمَّا جَاءتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} ٢.

وأما ما حكاه الله تعالى عن الدهريين، في قوله تعالى: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ} ٣.

فهم قلة ممن فسدت فطرتهم فانحرفوا عن اتباع الحق، ومسلك العقلاء، وليس عندهم دليل على دعواهم سوى الظن، والظن لا يغني من الحق شيئاً، ومن هذا يتبين لنا أن الإقرار بتوحيد الربوبية، هو حجة ملزمة على المشركين، لأنه إذا كان الله تعالى هو رب كل شيء ومليكه، وهو الخالق الرازق وحده، فلماذا يعبدون غيره معه؟ وهم مع ذلك يعترفون أنَّ تلك المعبودات لا تملك لهم منعاً ولا عطاء، ولا تملك لأنفسهم ضراً ولا


١ سورة النازعات الآيتان: ٢٣-٢٤.
٢ سورة النمل الآيتان: ١٣-١٤.
٣ سورة الجاثية الآية: ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>