للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا المثل ضربه الله تعالى لأهل مكة، بقوم كانوا في أمن واستقرار وسعادة ونعيم، تأتيهم الخيرات والأرزاق بكثرة من كل الجهات، فأبطرتهم ولم يشكروا الله على ما آتاهم من خير، وما وهبهم من رزق، فعصوا الله وتمردوا، فبدّل اللهُ نعمته بنقمة، وسلبهم نعمة الأمن والاطمئنان، وأذاقهم آلام الجوع والخوف بسبب كفرهم ومعاصيهم.

قال الفخر الرازي: "وهذا مثل أهل مكة لأنهم كانوا في الأمن والطمأنينة والخصب، ثم أنعم الله عليهم بالنعمة العظيمة، وهو محمد صلى الله عليه وسلم فكفروا به، وبالغوا في إيذائه، فعذبهم الله بالقحط والجوع سبع سنين، حتى أكلوا الجيف والعظام"١.

وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللهِ كُفْرًا وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ وَجَعَلُواْ لِلّهِ أَندَادًا لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ} ٢.

والمراد بهؤلاء كما ذكر المفسرون: مشركو قريش الذين بدلوا نعمة الله عليهم بالكفر، فكذبوا نبيهم محمداً صلى الله عليه وسلم، وقاتلوه يوم


١ التفسير الكبير للفخر الرازي ٢٠/١٢٨.
٢ سورة إبراهيم الآيات: ٢٨-٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>