ويذكر الله تعالى حال المشركين به في الدار الآخرة، وما يعانون هناك من العذاب الشديد، وما يحل بهم من الأمر الفظيع، وما يحصل لهم من الاضطراب النفسي الرهيب، حيث يختلقون الأعذار الواهية، ويستترون وراء الخيال والأوهام، ظانين أنها تغني عنهم شيئاً، فيزعمون أنّهم كانوا مؤمنين، كما يلقى بعضُهم التبعية على الآخرين، ويعلن البعضُ الآخر الكفر بما كانوا به مشركين، ويلتجئ آخرون منهم إلى الله قائلين، لو شاء اللهُ ما عبدنا من دونه من شيء، رغم طرق الهداية الكثيرة التي بينها الله لهم في الدنيا.
كل ذلك نتيجة للاضطرابات العصبية العنيفة التي تثيرها الحسرة والندامة، ولكن حين لا ينفع الندم، حين ينكشف الغطاء وتظهر الحقيقة التي لا مفرّ منها، فلا شركاء، ولا شفعاء، ولا أنداد ولا غيرهم، وأن جميع المتبوعين يتبرأون من التابعين.
عند ذلك يعلم المشركون أنّ القوة لله وحده، وأنه لا إله غيره، فلو تدبر هؤلاء المشركون واتعظوا بما سيحصل لهم من عذاب الله هناك، لانتهوا عما هم فيه من الشرك والضلال، ووحدّوا الله الذي لا إله غيره في الدنيا ولا في الآخرة.