للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الفخر الرازي: "وتقرير الجواب، أنّ هؤلاء الكفار إما أن يطمعوا بتلك الشفاعة من هذه الأصنام، أو من أولئك العلماء والزهاد الذين جعلت هذه الأصنام تماثيل لها.

والأول باطل؛ لأنّ هذه الجمادات وهي الأصنام لا تملك شيئاً، ولا تعقل شيئاً، فكيف يعقل صدور الشفاعة عنها.

والثاني باطل؛ لأنّ في يوم القيامة لا يملك أحدٌ شيئاً، ولا يقدر أحد على الشفاعة إلا بإذن الله، فيكون الشفيع في الحقيقة هو الله الذي يأذن في تلك الشفاعة، فكان الاشتغال بعبادته أولى من الاشتغال بعبادة غيره، وهذا هو المراد من قوله {قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} "١.

وقال تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئًا وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} ٢.

وتنقسم الشفاعةُ في الآخرة إلى قسمين: شفاعة مثبتة، وشفاعة منفية.

فأما الشفاعة المثبتة، فهي: شفاعة العبد المأمور الذي لا يشفع ولا يتقدم بين يدي مالكه حتى يأذن له٣.


١ التفسير الكبير للفخر الرازي ٢٦/٢٨٥.
٢ سورة الانفطار الآيات: ١٧-١٩.
٣ إغاثة اللهفان لابن القيم ١/٢٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>