والعرب وغيرهم يعرفون مرض الجنون، وكيف يتخبط المصاب به، ويهذي بكلام لا يقبله العقلاء، ويتصرف التصرفات التي تتنافى مع وقار الإنسان واحترامه لنفسه، وضبطه لسلوكه ووصوله إلى غايته.
وإذا قارنا بين هذه الأعراض، وما اتصف به محمد صلى الله عليه وسلم قبل البعثة وبعدها من الحكمة والاتزان، والحلم والأناة في السياسة لأسرته ولأصحابه وللدولة، وما أنيطت به من مسئوليات تشريعية وقضائية وتنفيذية، وقيادة عسكرية، ومسئوليات في التربية والتعليم وغيرها، وما اتصف به من الأخلاق العالية في الصدق والوفاء، والأمانة والحلم، والكرم والشجاعة والصفح وغيرها من الصفات الجليلة، فكان بذلك قدوة الآباء والحكام والقضاة، والقادة والمعلمين والتجار والعمال، وبقية أفراد المجتمع، يجدون في شخصيته العظيمة الخلق العظيم، والمثل الأعلى للكمال الإنساني.
ولقد ردّ القرآن الكريم على هذه التهمة، رداً عنيفاً وشديداً، جاء ذلك في كثير من الآيات البينات.