للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} ١.

وعلى ذلك مضى أمرُ العرب من لدن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، إلى أن بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم فقد غيروا كثيراً مما كان عليه إبراهيم وإسماعيل، وخلطوا حقاً بباطل، فحرفوا الحج عن وجهته، وملأوا الكعبة -بيت التوحيد- بالأنصاب والأوثان، وجعلوها على ظهر البيت وبجواره، وعلى الصفا والمروة، واتخذوا هذه الأنصاب آلهة مع الله يعبدونها لتقربهم إلى الله زلفى، ونذروا لها، وذبحوا باسمها، وقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا.

ثم إنهم ابتدعوا في الحج بدعاً ما أنزل الله بها من سلطان، ومن هذه البدع طوافهم بالبيت عراة، زاعمين أنه لا يليق بهم أن يطوفوا ببيت الله بثياب ارتكبوا فيها الذنوب والآثام، وكان النساء يطفن بالليل، وكانت إحداهن تضع ثيابها كلها إلا درعاً يسترها عن الحمس٢ من قريش، ثم


١ سورة الحج الآيات: ٢٦-٢٩.
٢ الحمس أو الأحماس جمع الأحمس: وهو لقب قريش ومن ولدت قريش، وكنانة، وجديلة قيس، ومن تابعهم في الجاهلية، سموا بذلك لتحمسهم في دينهم، أي تشددوا، وكانوا يقفون بمزدلفة ولا يقفون بعرفة، ويقولون نحن أهل الله فلا نخرج من الحرم، وكانوا لا يدخلون البيوت من أبوابها وهم محرمون.
انظر: لسان العرب لابن منظور ٦/٥٨، والنهاية لابن الأثير ١/٤٤٠.
أو سموا بذلك لالتجائهم بالحمساء، وهي الكعبة، لأن حجرها أبيض يميل إلى السواد، والحماسة الشجاعة، والأحمس الشجاع.
القاموس المحيط للفيروزابادي ٢/٢٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>