للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كعب بن أسد وعبد الله بن صوريا وشاس بن قيس بعضهم لبعض: اذهبوا إلى محمد لعلنا نفتنه عن دينه، فأتوه فقالوا: يا محمد إنك قد عرفت أنا أحبار يهود وأشرافهم وساداتهم، وأنا إنْ اتبعناك اتبعنا يهود ولم يخالفونا، وإنّ بيننا وبين قومنا خصومة، فنحاكمهم إليك، فتقضي لنا عليهم ونؤمن لك ونصدقك، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله فيهم: {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللهُ إِلَيْكَ} ... إلى قوله: {لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} "١.

والآية الكريمة إقرار لرسول الله صلى الله عليه وسلم على ما فعل، وأمر له بالثبات وعدم الانخداع بكلام اليهود، فإنّ أعرضوا عن حكمك بعد تحاكمهم إليك، فاعلم أنّ حكمة الله في ذلك هي أن إرادته تمت على أن يعذبهم ببعض ذنوبهم في الحياة الدنيا قبل الآخرة، لأنّ استثقالهم لأحكام التوراة الموجودة لديهم، وتحاكمهم إليك لعلك تتبع أهواءهم، ومحاولتهم لفتنتك عن بعض ما أنزل الله إليك من القرآن كل هذه أمارات على فساد الأخلاق وانحلال روابط الاجتماع، ولا بدّ أن تكون نتيجتها


١ تفسير ابن جرير ٦/٢٧٣-٢٧٤.
وانظر: أسباب النزول للنيسابوري ص: ١١٣، وتفسير ابن كثير ٢/٧٢، والدر المنثور للسيوطي ٢/٢٩٠، والجامع لأحكان القرآن ٦/٢١٣، وزاد المسير لابن الجوزي ٢/٤٩، ولباب النقول في أسباب النزول ص: ٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>