للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قَالُوا: حديثان مُتَنَاقِضَانِ

٤٣- تَكْرَارُ الِاعْتِرَافِ بِالزِّنَا:

قَالُوا: رَوَيْتُمْ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ يَرْجُمْ مَاعِزًا، حَتَّى أَقَرَّ عِنْدَهُ بِالزِّنَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ كُلُّ ذَلِكَ يُعْرِضُ عَنْهُ ثُمَّ رَجَمَهُ فِي الرَّابِعَةِ" ١.

فَأَخَذَ بِهَذَا قَوْمٌ مِنْ فُقَهَائِكُمْ، وَقَالُوا: لَا نَرْجُمُ حَتَّى يَكُونَ إِقْرَارُهُ فِي عَدَدِ الشُّهُودِ عَلَيْهِ، وَبِذَلِكَ كَانَ يَقُولُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

ثُمَّ رُوِّيتُمْ: أَنَّ رَجُلَيْنِ تَقَدَّمَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فَقَالَ أَحَدُهُمَا: إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا٢ عَلَى هَذَا وَأَنَّهُ زَنَى بِامْرَأَتِهِ، فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَخَادِمٍ.

ثُمَّ إِنَّا سَأَلْنَا رِجَالًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَقَالُوا: عَلَى ابْنِي جَلْدَ مِائَةٍ وَتَغْرِيبَ عَامٍ، وَعَلَى امْرَأَةِ هَذَا الرَّجْمَ.

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، الْمِائَةُ شَاةٍ وَالْخَادِمُ رَدٌّ عَلَيْكَ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدَ مِائَةٍ وَتَغْرِيبَ عَامٍ، وَعَلَى امْرَأَةِ هَذَا الرَّجْمُ ".

فَقَضَى بَيْنَهُمَا بِذَلِكَ وَقَالَ: "اغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فارجمها" ٣.


١ البُخَارِيّ: أَحْكَام ٢١، وَأَبُو دَاوُد: حُدُود ٢٣، وَأحمد: ١/ ٢٣٨، ٥/ ١٧٩.
٢ العسيف: الْأَجِير.
٣ سبق تَخْرِيجه ص١٠٦.

<<  <   >  >>