ومبالغته في سائر كتبه, فلا نكاد نراه في صدد الرد على المعطلة, إلا ويشرك معهم في الرد المجسمة, كما يعرف ذلك كل من له دراسة لكتبه رحمه
الله تعالى, ومن كلامه في هذا الصدد قوله في "الحموية""ص١٦٠":
" فمن قال: لا أعقل علما ويدًا إلا من جنس العلم واليد المعهودين. قيل له: فكيف تعقل ذاتا من غير جنس ذوات المخلوقين؟ ومن المعلوم أن صفات كل موصوف تناسب ذاته, وتلائم حقيقته فمن لم يفهم من صفات الرب الذي ليس كمثله شيء إلا ما يناسب المخلوق فقد ضل في عقله ودينه".
قلت: وهذا قليل من كثير من كلامه الذي يدل دلالة قاطعة على أن شيخ الإسلام ابن تيمية هو منزه وليس بمشبه أو مجسم كما يفتري الكوثري. وقد نقل صديقه ١ العلامة أبو زهرة في كتابه "ابن تيمية" نصوصا كثيرة من كلام ابن تيمية في موضع الصفات الإلهية, ولخص عقيدته فيها تلخيصا جيدا لا تحامل فيه, بل إنه قد برأه مما اتهمه الكوثري فقال "ص٢٦٤":
" وليس في ذلك ما يتنافى مع التنزيه, أو يخالف التوحيد, أو يثبت مشابهة بينه سبحانه وبين الحوادث ". ثم قال "ص٢٦٦":
" وينتهي بلا ريب إلى أن يثبت لله سبحانه وتعالى الاستواء واليد وغير, ذلك ولكن يقول: إن هذا كله بما يليق بذاته تعالى لا نعرف حقيقته وعلينا الإيمان به"
ولكنه عاد فنقل عن كتاب "رد شبه التشبيه" لابن الجوزي كلاما له ينتصر فيه للتأويل ويرد به على من يرميهم بالتشبيه فقال أبو زهرة "ص٢٧٢" عقبه: "وهو مؤدى كلامهم ومهما حاولا نفي التشبيه فإنه لاصق بهم وإذا جاء ابن تيمية من بعده بأكثر من قرن وقال: إنه اشتراك في الاسم لا في الحقيقة فإنهم إن فسروا الاستواء بظاهر اللفظ فإنه الاقتعاد والجلوس