لقد اشتهر عند الخلف نسبة كل من يثبت الفوقية لله تعالى إلى أنه مشبه أو مجسم, أو إلى أنه ينسب لله الجهة والمكان. فهذه ثلاثة أمور لا بد من
إزالة الشبه عنها.
الشبهة الأولى: التشبيه.
يمكن أخذ الإجابة عن هذه الشبهة مما تقدم من النقول عن الأئمة, ومما سنراه في نصوص الكتاب الآتية, أذكر الآن بعضها:
١- قال نعيم بن حماد الحافظ: من شبه الله بخلقه, فقد كفر, ومن أنكر ما وصف به نفسه فقد كفر, وليس ما وصف به نفسه, ولا رسوله تشبيهاً.
٢- قال إسحاق بن راهويه: إنما يكون التشبيه إذا قال: يد مثل يدي أو سمع كسمعي فهذا تشبيه, وأما إذا قال كما قال الله: يد وسمع وبصر فلا يقول: كيف ولا يقول: مثل, فهذا لا يكون تشبيها, قال تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} .
ولو كان إثبات الفوقية لله تعالى معناه التشبيه, لكان كل من أثبت الصفات الأخرى لله تعالى ككونه حيا قديرا سميعا بصيرا مشبها أيضا, وهذا ما لا يقول به مسلم ممن ينتسبون اليوم إلى أهل السنة والجماعة خلافا لنفات الصفات والمعتزلة وغيرهم قال شيخ الإسلام في "منهاج السنة""٢/ ٧٥":
"فالمعتزلة والجهمية ونحوهم من نفات الصفات يجعلون كل من أثبتها مجسما مشبها, ومن هؤلاء من يعد من المجسمة والمشبهة الأئمة المشهورين كمالك والشافعي وأحمد وأصحابهم, كما ذكر ذلك أبو حاتم صاحب كتاب "الزينة" وغيره.