بالأرض, ويطوي السماوات بيمينه ثم يقول: أنا الملك أين ملوك الأرض؟ ".
وأما أن يراد بالمكان أمر عدمي وهو ما وراء العالم من العلو, فالله تعالى فوق العالم وليس في مكان بالمعنى الوجودي, كما كان قبل أن يخلق المخلوقات.
فإذا سمعت أو قرأت عن أحد الأئمة والعلماء نسبة المكان إليه تعالى. فاعلم أن المراد به معناه العدمي, يريدون به إثبات صفة العلو له تعالى, والرد
على الجهمية والمعطلة الذين نفو عنه سبحانه هذه الصفة, ثم زعموا أنه في كل مكان بمعناه الوجودي, قال العلامة ابن القيم في قصيدته "النونية"
- "٢/ ٤٤٦-٤٤٧ - المطبوعة مع شرحها "توضيح المقاصد" طبع المكتب الإسلامي "
والله أكبر ظاهر ما فوقه ... شيء وشأن الله أعظم شان
والله أكبر عرشه وسع السما ... والأرض والكرسي ذا الأركان
وكذلك الكرسي قد وسع الطبا ... ق السبع والأرضين بالبرهان
والله فوق العرش والكرسي ... لا تخفى عليه خواطر الإنسان
لا تحصروه في مكان إذ تقو ... لوا: ربنا حقا بكل مكان
نزهمتوه بجهلكم عن عرشه ... وحصرتموه في مكان ثان
لا تعدموه بقولكم: لا داخل ... فينا ولا هو خارج الأكوان
الله أكبر هتكت أستاركم ... وبدت لمن كانت له عينان
والله أكبر جل عن شبه وعن ... مثل وعن تعطيل ذي كفران
إذا أحطت علما بكل ما سبق, استطعت بإذن الله تعالى أن تفهم بيسر من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية, والآثار السلفية التي ساقها المؤلف رحمه الله في هذا الكتاب الذي بين يديك "مختصره" أن المراد منها إنما هو معنى معروف ثابت لائق به تعالى ألا وهو علوه سبحانه على خلقه واستواؤه على عرشه على ما يليق بعظمته, وأنه مع ذلك ليس في جهة ولا مكان, إذ هو خالق كل