هذين كانا مستسلمين مريدين للإسلام والتوبة ومن كان كذلك فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم له أن يعفو عنه فلم يتعين قتله فإذا ثبت أن الساب كان قتله واجبا والكافر الحربي الذي لم يسب لا يجب قتله بل يجوز قتله فمعلوم أن الذمة لا تعصم دم من يجب قتله وإنما تعصم دم من يجوز قتله ألا ترى أن المرتد لا ذمة له وأن القاطع والزاني لما وجب قتلهما لم تمنع الذمة قتلهما.
وأيضا فلا مزية للذمي على الحربي إلا بالعهد والعهد لم يبح له إظهار السب بالإجماع فيكون الذمي قد شرك الحربي في إظهار السب الموجب للقتل وما اختص به من العهد لم يبح له إظهار السب فيكون قد أتى بما يوجب القتل وهو لم يقر عليه فيجب قتله بالضرورة.
وأيضا فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل من كان يسبه مع أمانه لمن كان يحاربه بنفسه وماله فعلم أن السب أشد من المحاربة أو مثلها والذمي إذا حارب قتل فإذا سب قتل بطريق الأولى.
وأيضا فإن الذمي وإن كان معصوما بالعهد فهو ممنوع بهذا العهد من إظهار السب والحربي ليس له عهد يعصمه ولا يمنعه فيكون الذمي من جهة كونه ممنوعا أسوأ حالا من الحربي وأشد عداوة وأعظم جرما وأولى بالنكال والعقوبة التي يعاقب بها الحربي على السب والعهد الذي عصمه لم يف بموجبه فلا ينفعه لأنا إنما نستقيم له ما استقام لنا وهو لم يستقم بالاتفاق وكذلك يعاقب والعهد يعصم دمه وبشره إلا بحق فلما جازت عقوبته بالاتفاق علم أنه قد أاتى ما يوجب العقوبة.
وقد ثبت بالسنة أن عقوبة هذا الذنب القتل وسر الاستدلال بهذه الأحاديث أنه لا يقتل الذمي لمجرد كون عهده قد انتقض فإن مجرد نقض