عقوبته القتل فعلم أن سب النبي صلى الله عليه وسلم من حيث هو سب له وحق لآدمي عقوبته القتل كما أن سب غيره من حيث هو سب له وحق لآدمي عقوبته الجلد إما حدا أو تعزيرا وهذا معنى صحيح واضح.
وسر ذلك أنه إذا اجتمع الحقان فلا بد من عقوبة لأن معصية الله توجب العقوبة إما في الدنيا أو في الآخرة فإذا كان الاستيفاء جعل الله ذلك إلى المستحق من الآدميين لأن الله أغنى الشركاء عن الشرك فمن عمل عملا أشرك فيه غيره فهو كله للذي أشرك كذلك من عمل عملا لغيره فيه عقوبة جعل عقوبته كلها لذلك الغير وكانت عقوبته على معصية الله تمكين ذلك الإنسان من عقوبته.
وتمام هذا المعنى أن يقال: بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم يتعين القتل لأن المستحق لا يمكن منه المطالبة والعفو كما أن من سب أو شتم أحدا من أموات المسلمين عزر على ذلك الفعل لكونه معصية لله وإن كان في حياته لا يؤدى حتى يطلب إذا علم.
الوجه الثالث: أن سب النبي صلى الله عليه وسلم لا يجوز أن يكون من حيث هو سب بمنزلة سب غيره من المؤمنين لأنه عليه الصلاة والسلام يباين سائر المؤمنين من أمته في عامة الحقوق فرضا وخطرا وغيرهما مثل وجوب طاعته ووجوب محبته وتقديمه في المحبة على جميع الناس ووجوب تعزيره وتوقيره على وجه لا يساويه فيه أحد ووجوب الصلاة عليه والتسليم إلى غير ذلك من الخصائص التي لا تحصى وفي سبه إيذاء لله ولرسوله ولسائر المؤمنين من عباده وأقل ما في ذلك أن سبه كفر ومحاربة وسب غيره ذنب ومعصية ومعلوم أن العقوبات على قدر الجرائم فلو سوى بين سبه وسب غيره لكان تسوية بين السبين المتباينين وذلك لا يجوز فإذا كان سب غيره مع كونه معصية يوجب الجلد وجب أن يكون سبه مع كونه كفرا يوجب القتل ويصير ذلك نوعا من أنواع الكفر من وجه ونوعا من أنواع السب من وجه فمن حيث