ليس لمجرد كونه كافرا غير ذي عهد بل حد أو عقوبة على سب نبينا الذي أوجبت عليه الذمة تركه والإمساك عنه مع أن السب مستلزم لنقض العهد العاصم لدمه وأنه يصير بالسب محاربا غادرا وليس هو كحد الزنا ونحوه مما لا مضرة علينا فيه وإنما أشبه الحدود به حد المحاربة.
وأما قولهم "ليس في السب أكثر من انتهاك العرض وهذا القدر لا يوجب إلا الجلد" ففي الكلام عنه ثلاثة أجوبة:
أحدها: أن هذا كلام في رأس المسألة فإنه إذا لم يوجب إلا الجلد والأمور الموجبة للجلد لا تنقض العهد لم ينتقض العهد به كسب بعض المسلمين وقد قدمنا الدلالات التي لا تحل مخالفتها على وجوب قتل الذمي إذا فعل ذلك وأنه لا عهد له يعصم دمه مع ذلك وبينا أن انتهاك عرض عموم المسلمين يوجب الجلد وأما انتهاك عرض الرسول فإنه يوجب القتل وقد صولح على الإمساك عن العرضين فمتى انتهك عرض الرسول فقد أتى بما يوجب القتل مع التزامه أن لا يفعله فوجب أن يقتل كما لو قطع الطريق أو زنى والتسوية بين عرض الرسول وعرض غيره في مقدار العقوبة من أفسد القياس.
والكلام في الفرق بينهما يعد تكلفا فإنه عرض قد أوجب الله على جميع الخلق أن يقابلوه من الصلاة والسلام والثناء والمدحة والمحبة والتعظيم والتعزير والتوقير والتواضع في الكلام والطاعة للأمر ورعاية الحرمة في أهل البيت والأصحاب بما لا خفاء به على أحد من علماء المؤمنين عرض به قام دين الله وكتابه وعباده المؤمنون به وجبت الجنة لقوم والنار لآخرين به كانت هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس عرض قرن الله ذكره بذكره وجمع بينه وبينه في كتابة واحدة وجعل بيعته بيعة له وطاعته