طاعة له وأذاه أذى له إلى خصائص لا تحصى ولا يقدر قدرها أفيليق لو لم يكن سبه كفرا أن تجعل عقوبة منتهك هذا العرض كعقوبة منتهك عرض غيره؟.
ولو فرضنا أن لله نبينا بعثه إلى أمة ولم يوجب على أمة أخرى أن يؤمنوا به عموما ولا خصوصا فسبه رجل ولعنه عالما بنبوته إلى أولئك أفيجوز أن يقال: إن عقوبته وعقوبة من سب واحدا من المؤمنين سواء؟ هذا أفسد من قياس الذين قالوا: إنما البيع مثل الربا.
قولهم:"الذمي يعتقد حل ذلك" قلنا: لا نسلم فإن العهد الذي بيننا وبينه حرم عليه في دينه السب كما حرم عليه دماءنا وأموالنا وأعراضنا فهو إذا أظهر السب يدري أنه قد فعل عظيمة من العظائم التي لم نصالحه عليها ثم إن كان يعلم أن عقوبة ذلك عندنا القتل فبها وإلا فلا يجب لأن مرتكب الحدود يكفيه العلم بالتحريم كمن زنى أو سرق أو شرب أو قذف أو قطع الطريق فإنه إذا علم تحريم ذلك عوقب العقوبة المشروعة وإن كان يظن أن لا عقوبة على ذلك وأن عقوبته دون ما هو مشروع.
وأيضا فإن دينهم لا يبيح لهم السب واللعنة للنبي وإن كان دينا باطلا أكثر ما يعتقدون أنه ليس بنبي أو ليس عليهم إتباعه أما أن يعتقدوا أن لعنته وسبه جائزة فكثير منهم أو أكثرهم لا يعتقدون ذلك على أن السب نوعان أحدهما: ما كفروا به واعتقدوه والثاني: ما لم يكفروا به فهذا الثاني لا ريب أنهم لا يعتقدون حله.
وأما قولهم:"صولح على ترك ذلك فإذا فعله انتقض العهد" فإنه إذا فعله انتقض عهده وعوقب على نفس تلك الجريمة وإلا كان يستوي حال من ترك العهد ولحق بدار الحرب من غير أذى لنا وحال من قتل وسرق وقطع الطريق وشتم الرسول مع نقض العهد وهذا لا يجوز.