به تشفيا ودرك ثأر وصيانة عرض وحق الله قد علم سقوطه بالتوبة لأنه سبحانه إنما أوجب الحقوق لينتفع بها العباد فإذا رجعوا إلى ما ينفعهم حصل مقصود الإيجاب وحينئذ فلا ريب أن حرمة الرسول ألحقت بحرمة الله من جهة التغليظ لأن الطعن فيه طعن في دين الله وكتابه وهو من الخلق الذين لا تسقط حقوقهم بالتوبة لأنهم ينتفعون باستيفاء الحقوق ممن هي عليه وقد ذكرنا ما دل على ذلك من أن رسول الله عليه الصلاة والسلام كان له أن يعاقب من آذاه وإن جاءه تائبا وهو عليه الصلاة والسلام كما أنه بلغ الرسالة لينتفع بها العباد فإذا تابوا ورجعوا إلى ما أمرهم به فقد حصل مقصوده فهو أيضا يتألم بأذاهم له فله أن يعاقب من آذاه تحصيلا لمصلحة نفسه كما أنه يأكل ويشرب فإن تمكين البشر من استيفاء حقه ممن بغى عليه من جملة مصالح الإنسان ولولا ذلك لماتت النفوس غما ثم إليه الخيرة في العفو والانتقام فقد تترجح عنده مصلحة الانتقام فيكون فاعلا لأمر مباح وحظ جائز كما له أن يتزوج النساء وقد يترجح العفو والأنبياء عليهم السلام منهم من كان قد يترجح عنده أحيانا الانتقام ويشدد الله قلوبهم فيه حتى تكون أشد من الصخر كنوح وموسى ومنهم من كان يترجح عنده العفو فيلين الله قلوبهم فيه حتى تكون ألين من اللبن كإبراهيم وعيسى فإذا تعذر عفوه عن حقه تعين استيفاؤه وإلا لزم إهدار حقه بالكلية.
قولهم:"إذا سقط المتبوع بالإسلام فالتابع أولى".
قلنا: هو تابع من حيث تغلظت عقوبته لا من حيث إن له حقا في الاستيفاء لا ينجبر بالتوبة.
قولهم:"ساب الواحد من الناس لا يختلف حاله بين ما قبل الإسلام وبعده بخلاف ساب الرسول".