للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى مذهب هؤلاء ومرقاة إليه لكن الفرق بينهما أنه يقول لا أعلم مراد المتكلم بها وهم يقولون مراده هذه التأويلات الباطنة.

وما جاء به الرسول نوعان طلب وخبر فالطلب يقولون المراد به تحصيل الأخلاق التي تستعد بها النفس لنيل العلوم العقلية فإذا حصلت لها تلك المعارف لم يكن لاشتغالها بتلك الأسباب التي أمرت بها فائدة فسقط عنها ما يجب على غيرها من النفوس الجاهلة ويباح لها ما يحرم على غيرها وعند هؤلاء مقصود الشرائع تعديل النفوس بالأخلاق التي تعدها لإدراك العلوم.

وأما الأخبار فعقلاؤهم ورؤوسهم يعلمون قطعا أن الرسل إنما أرادت إفهام الخلق ظواهرها وما دلت عليه لكن لا حقيقة لها في نفس الأمر والرسل كانت تعلم ذلك لكن خيلوا إلى الناس ما ينتفعون به ويكونون به أدعى إلى الانقياد ولم يكن ذلك إلا بإظهار ما لا حقيقة له وذلك سائغ للمصلحة إذ كان فهم الجمهور عندهم للحقائق في نفس الأمر يوجب انحلالهم وانهماكهم في الشهوات.

وطائفة منهم تزعم أن الرسل إنما قصدت إفهام تلك التأويلات لكن أهل الظاهر غلظ حجابهم وكثفت أفهامهم عن إدراكها فوقعوا بسبب قصور أفهامهم في العناء والمشقة وتحمل أعباء التكاليف وهؤلاء وضعوا لهم قانونا في تأويل الأمر والنهي والخبر كما وضعت الجهمية

<<  <  ج: ص:  >  >>