والمعدوم موجودا إما في نفس الأمر وإما بحسب الاعتقاد والذي يدعي قلب الحقائق في نفس الأمر أشد سفسطة ممن يدعي أنها تبع لاعتقاد الإنسان فيها فإذا جعلت الأدلة العقلية التي هي من جنس ما تقدم وغيره تفيد اليقين بمدلولاتها الخارجية والأدلة اللفظية التي أعلاها كلام الله ورسوله لا تفيد اليقين كان ذلك من أعظم أنواع السفسطة وأكثر أسباب الزندقة فإن قلت فهم لم يجعلوا كل دليل عقلي يفيد اليقين بل ما كانت مقدماته يقينية وتأليفه صحيحا يوضحه.
الوجه الثامن عشر: إن قول القائل الأدلة اللفظية لا تفيد اليقين إما أن يريد به نفي العموم أو عموم النفي فإن أراد نفي العموم لم يفده شيئا فإن عاقلا لا يدعي أن كل دليل لفظي يفيد اليقين حتى ينصب معه الخلاف ويحتج عليه وإن أراد به عموم النفي كان هذا مكابرة للعيان وبهتا ومجاهرة بالكذب والباطل.