الدليل العقلي إلا بمقدمة ظنية كان استدلاله به ظنيا وأيضا فإنه إذا كان هذا مرادك فكيف تحكم حكما عاما كليا أن الأدلة اللفظية لا تفيد اليقين فبطل حكم هذه القضية الكاذبة أن الأدلة اللفظية لا تفيد اليقين على كل تقدير ولله الحمد يوضحه.
الوجه الخامس والعشرون: إن الذين لم يحصل لهم اليقين بالأدلة العقلية أضعاف أضعاف الذين حصل لهم اليقين بالأدلة السمعية والشكوك القادحة في العقليات أكثر بكثير من الشكوك القادحة في السمعيات فأهل العلم والكتاب والسنة متيقنون لمراد الله ورسوله جازمون به معتقدون لموجبه اعتقادا لا يتطرق إليه شك ولا شبهة أما المتكلمون الذين عدلوا عن الاستدلال بالأدلة السمعية إلى الأدلة العقلية في المسائل الكبار كمسألة حدوث العالم ومسألة ما هي الحوادث ومسألة تماثل الأجسام وبقاء الأعراض ومسألة وجود الشيء هل هو زائد على ماهيته أو هو نفس ماهيته ومسألة المعدوم هل هو شيء أم لا ومسألة المصحح للتأثير هل هو الحدوث أو الإمكان وهل يمكن أن يكون الممكن قديما أم لا ومسألة الجوهر الفرد وهل الأجسام مركبةمنه أم لا ومسالةالكلام وحقيقته واضعاف ذلك من المسائل التي عولوا فيها على مجرد عقل أفضلهم وأشدهم حيرة وتناقضا واضطرابا فيها