للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إخْبَارُ الْكُهَّانِ مِنْ الْعَرَبِ، وَالْأَحْبَارِ مِنْ يَهُودَ والرهبان من النصارى:

الكهان والأحبار والرهبان يتحدثون بمبعثه: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَتْ الْأَحْبَارُ مِنْ يَهُودَ، وَالرُّهْبَانُ مِنْ النَّصَارَى، وَالْكُهَّانُ مِنْ الْعَرَبِ، قَدْ تَحَدَّثُوا بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قبلَ مَبْعَثِهِ، لَمَّا تقاربَ مِنْ زَمَانِهِ.

أَمَّا الأحبارُ مِنْ يهودَ، وَالرُّهْبَانُ مِنْ النَّصَارَى، فعمَّا وَجَدُوا فِي كُتُبِهِمْ مِنْ صِفَتِهِ وَصِفَةِ زَمَانِهِ، وَمَا كَانَ مِنْ عَهْدِ أَنْبِيَائِهِمْ إلَيْهِمْ فِيهِ. وَأَمَّا الكهانُ مِنْ الْعَرَبِ: فَأَتَتْهُمْ بِهِ الشَّيَاطِينُ مِنْ الجنِّ فِيمَا تَسْتَرِقُ مِنْ السَّمْعِ إذ كانت هي لَا تُحجب عَنْ ذَلِكَ بِالْقَذْفِ بِالنُّجُومِ، وَكَانَ الْكَاهِنُ وَالْكَاهِنَةُ لَا يَزَالُ يَقَعُ مِنْهُمَا ذكرُ بعضِ أمورِه، لَا تُلْقِي الْعَرَبُ لِذَلِكَ فِيهِ بَالًا، حَتَّى بَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَوَقَعَتْ تِلْكَ الْأُمُورُ الَّتِي كَانُوا يَذْكُرُونَ؛ فَعَرَفُوهَا.

قَذْفُ الْجِنِّ بالشُّهُب دلالةً عَلَى مَبْعَثِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَلَمَّا تَقَارَبَ أمرُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحَضَرَ مبعثُه، حُجبت الشَّيَاطِينُ عَنْ السَّمْعِ، وَحِيلَ بينَها وَبَيْنَ الْمَقَاعِدِ الَّتِي كَانَتْ تقْعدُ لاستراقِ السَّمْعِ فِيهَا فرُموا بِالنُّجُومِ، فَعَرَفَتْ الجنُّ أَنَّ ذَلِكَ لِأَمْرٍ حَدَثَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ فِي الْعِبَادِ١ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَيْنَ بَعَثَهُ، وَهُوَ يَقُصُّ عَلَيْهِ خبرَ الجنِّ إذْ حُجبوا عَنْ السَّمْعِ، فعَرفوا مَا عَرَفوا، وَمَا أَنْكَرُوا مِنْ ذَلِكَ حَيْنَ رَأوْا مَا رَأوْا: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ٢ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا


١ رُوي في مأثور الأخبار أن إبليس كان يخترق السموات قبل عيسى، فلما بُعث عيسى، أو وُلد، حجب عن ثلاث سموات، فلما وُلد محمد حجب عنها كلها، وقذفت الشياطين بالنجوم، وقالت قريش حين كثر القذف بالنجوم: قامت الساعة، فقال عتبة بن ربيعة: انظروا إلى العيوق فإن كان رُمي به، فقد آن قيام الساعة، وإلا فلا، وممن ذكر هذا الخبر الزبير بن أبي بكر.
٢ وفي الحديث أنهم كانوا من جن نصيبين. وفي التفسير أنهم كانوا يهودًا؛ ولذلك قالوا: من بعد موسى، ولم يقولوا من بعد عيسى، ذكره ابن سلام. وكانوا سبعة قد ذكروا بأسمائهم في التفاسير والمسندات، وهم: شاصر، وماصر، ومنشي، ولاشى والأحقاب، وهؤلاء الخمسة ذكرهم ابن دريد ومسروق وعمرو.

<<  <  ج: ص:  >  >>