للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: الرَّهَق: الطُّغْيَانُ والسَّفَه. قَالَ رُؤبة بْنُ العَجَّاج:

إذْ تَسْتَبي الهيَّامة المُرَهَّقَا

وَهَذَا الْبَيْتُ فِي أُرْجُوزَةٍ لَهُ. والرَّهق أَيْضًا: طلبك الشيء حتى تدنوَ منه، أو لا تأخذه. قال رُوُبة بْنُ العَجَّاج يَصِفُ حَمِيرِ وَحْشٍ:

بَصْبَصْنَ واقْشَعرَرْنَ مِنْ خَوف الرَّهَقْ

وَهَذَا الْبَيْتُ فِي أُرْجُوزَةٍ له. والرَّهق أيضًا: مصدرٌ لقول الرجل: رَهِقْتُ الإِثم أَوْ العُسْر الَّذِي أَرْهَقَتْنِي رَهَقًا شَدِيدًا؛ أَيْ: حملتُ الإِثم أَوْ العُسر الَّذِي حملني حَمْلًا شَدِيدًا، وَفِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا} [الكهف: ٨٠] وقوله: {وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا} [الكهف: ٧٣] .

ثقيف أول من فَزعت برمي الجن: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ بن المغيرة بن الأخنس أنه حُدِّث أن أولَ الْعَرَبِ فَزِع لِلرَّمْيِ بِالنُّجُومِ -حَيْنَ رُمي بِهَا- هَذَا الْحَيُّ مِنْ ثَقِيفٍ، وَأَنَّهُمْ جَاءُوا إلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ: عَمرو بْنُ أُمِّيَّةَ أَحَدُ بَنِي عِلاَج -قَالَ: وَكَانَ أَدْهَى الْعَرَبِ وَأَنْكَرَهَا رَأْيًا- فَقَالُوا لَهُ: يَا عَمرو، أَلَمْ ترَ مَا حَدَثَ فِي السماءِ مِنْ الْقَذْفِ بِهَذِهِ النُّجُومِ. قَالَ: بَلَى، فَانْظُرُوا، فَإِنْ كَانَتْ مَعَالِمَ النُّجُومِ الَّتِي يُهْتَدى بِهَا فِي البرِّ وَالْبَحْرِ، وتعرَف بِهَا الأنواءُ مِنْ الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ لِمَا يُصلح الناسَ فِي مَعَايِشِهِمْ، هِيَ الَّتِي يُرْمَى بِهَا، فَهُوَ وَاَللَّهِ طيُّ الدُّنْيَا، وهلاكُ هَذَا الْخَلْقِ الَّذِي فِيهَا، وَإِنْ كَانَتْ نُجُومًا غيرَها، وَهِيَ ثَابِتَةٌ عَلَى حَالِهَا، فَهَذَا لِأَمْرٍ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ هَذَا الْخَلْقَ، فَمَا هو١؟

الرسول يسأل الأنصار عن قولهم في رجم الجن بالشهب وتوضيحه للأمر:

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الحُسين بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ، عَنْ نَفَرٍ مِنْ الْأَنْصَارِ: أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قَالَ لَهُمْ: "مَاذَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ فِي هَذَا النَّجْم الَّذِي يُرْمَى بِهِ؟ " قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ كُنَّا نَقُولُ حَيْنَ رَأَيْنَاهَا يُرْمَى بِهَا: مَاتَ مَلِكٌ، مُلّك مَلِك، وُلد مَوْلُودٌ، مَاتَ مولود،


١ وقد فعل ما فعلت ثقيف بنو لهب عند فزعهم الرَّمْي بالنجوم، فاجتمعوا إلى كاهن لهم يقال له: خطر، فبين لهم الخبر، وما حدث من أمر النبوة.

<<  <  ج: ص:  >  >>