للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نزول جبريل عَلَيْهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي، وَهْب بْنُ كَيْسان، مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ. قَالَ: سمعتُ عبدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَهُوَ يَقُولُ لعُبَيد بْنِ عُمَيْر بْنِ قَتادة اللَّيْثَيَّ: حَدِّثْنَا يَا عُبَيْدُ، كَيْفَ كَانَ بدْءُ مَا ابتُدئ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ النُّبُوَّةِ، حِينَ جَاءَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ؟ قَالَ: فَقَالَ عُبيد -وَأَنَا حَاضِرٌ يُحَدِّثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَمَنْ عِنْدَهُ مِنْ النَّاسِ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُجَاوِرُ فِي حِراء مِنْ كُلِّ سَنَةٍ شَهْرًا، وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا تحنَّث بِهِ قريش في الجاهلية. والتحنث: التبرُّر١.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ:

وثَوْر وَمَنْ أَرْسَى ثَبِيرًا مكانَه ... ورَاقٍ ليَرْقَى فِي حِراءَ ونازِلِ

التحنث والتحنف: قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: تَقُولُ الْعَرَبُ: التَّحَنُّثُ وَالتَّحَنُّفُ، يريدون الحَنِيفية فيبدلون الفاء من الثاء، كما قالوا: جَدَفَ وجَدَث. يريدون: القبرَ. قال رؤبةُ بن العَجّاج:


١ التَبرُّرُ. تفعُّل من البر، وتفعل: يقتضى الدخول في الفعل، وهو الأكثر فيها مثل: تَفَقَه وتعبَّد وتنسَّك، وقد جاءت في ألفاظ يسيرة تعطي الخروج عن الشيء واطِّراحه، كالتأثم والتحرج. والتحنث بالتاء المثلثة؛ لأنه من الحِنْث وهو الحمل الثقيل، وكذلك التقذر، إنما هو تباعد عن القذر، وأما التحنف بالفاء، فهو من باب التبرر؛ لأنه من الحنيفية دين إبراهيم، وإن كان الفاء مُبدلة من الثاء، فهو من باب التقذر والتأثم، وهو قول ابن هشام، واحتج بجدف وجدث. "الروض الأنف ج١ ص٢٦٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>