للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قصة ملك الحضر:

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَحَدَّثَنِي خلَّادُ بْنُ قُرَّة بْنِ خَالِدِ السَّدُوسي عَنْ جَنَّاد، أَوْ عَنْ بَعْضِ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْكُوفَةِ بِالنَّسَبِ: أَنَّهُ يُقَالُ: إنَّ النُّعْمَانَ بْنَ الْمُنْذِرِ مِنْ وَلَدِ سَاطِرون١ مَلِكِ الحَضْر. والحَضْر: حِصْنٌ عَظِيمٌ كَالْمَدِينَةِ، كَانَ عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَ عَدي بْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ:

وَأَخُو الحَضْر إذْ بناه وإذ دِجْـ ... ـلة يُجْبَى إليه والخابورْ

شاده مرمرًا وجلَّله كِلْـ ... ـسا فللطَّيْرِ فِي ذُراه وُكورْ

لَمْ يَهَبْه ريبُ المنون فبان الْـ ... ـمُلْكُ عَنْهُ فبابُه مهجورْ

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَهَذِهِ الْأَبْيَاتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ.

وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو دُوَادٍ الإياديُّ٢ فِي قَوْلِهِ:

وَأَرَى الموتَ قَدْ تدلى من الحَضـ ... ـر عَلَى رَبِّ أَهْلِهِ السَّاطُرون٣

وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ، وَيُقَالُ: إنَّهَا لخلَف الْأَحْمَرِ، وَيُقَالُ: لحماد الرَّاوية.

سابور يستولي على الحضر: وَكَانَ كِسْرَى سَابُورُ ذُو الْأَكْتَافِ غَزَا ساطِرون ملكَ الحَضْر، فَحَصَرَهُ سَنَتَيْنِ، فَأَشْرَفَتْ بِنْتُ ساطِرون٤ يَوْمًا، فَنَظَرَتْ إلَى سَابُورَ، وَعَلَيْهِ ثِيَابُ دِيبَاجٍ، وَعَلَى رَأْسِهِ تَاجٌ مِنْ ذَهَبٍ مُكَلَّلٌ بِالزَّبَرْجَدِ وَالْيَاقُوتِ وَاللُّؤْلُؤِ، وَكَانَ جَمِيلًا، فَدَسَّتْ إلَيْهِ، أَتَتَزَوَّجُنِي


١ الساطرون بالسريانية: هو الملك، واسم السَّاطرون: الضيزَن بن معاوية. قال الطبري: هو جُرمُقانى، وقال ابن الكلبى: هو قُضَاعي من العرب الذين تنخُوا بالسواد، فُسموا: تنوخ، أي: أقاموا بها، وهم قبائل شتى، ونسبه ابن الكلبي، فقال: هو ابن معاوية بن عبيد، ووجدته بخط أبي بحر: عُبَيد بضم العين بن أجْرَم من بني سَليح بن حُلوان بن الحاف بن قضاعة، وأمه: جَيهَلَة، وبها كان يُعرف، وهي أيضًا قضاعية من بني تزيد الذين تنسب إليهم الثياب التزيدية.
٢ واسم أبى داود: جارية بن حجاج، وقيل: حنظلة بن شَرقي.
٣ وبعد هذا البيت:
صرعته الأيامُ من مُلك ... ونعيم وجوهر مكنون
٤ وتسمى النضيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>