وقد أدت حركة الجهاد هذه إلى القضاء على الإمارات المتنازعة واتحادها في ظل دولة إسلامية واحدة تطبق الإسلام عقيدة وشريعة ونظام حياة وتقيم شعائر الإسلام، مما يذكر بالجهاد المسلح الذي نهض به الأئمة السعوديون في سبيل نشر الدعوة السلفية، فأقاموا الدولة السعودية الأولى التي استطاعت أن توحد معظم أقاليم الجزيرة العربية في ظل حكومة واحدة، تطبق مبادئ دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
وقد ظلت هذه المبادئ متأصلة في نفوس أتباعها حتى الدولة السعودية الحالية التي أمكن لمؤسسها المرحوم الملك عبد العزيز استعادة ملك آبائه وأجداده، وتأسيس المملكة العربية السعودية القائمة على أساس ديني سلفي، ومن ثم كان نجاح الدعوة السلفية في إقامة دولة إسلامية مستقلة من أكبر الدوافع لقيام دول إسلامية متأثرة بالدعوة السلفية التي أصبحت أساسا لبناء كيانها الديني والسياسي والحضاري، ومن أبرزها دولة (سكت الإسلامية) في غرب أفريقيا.
رابعا: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصل من أصول الإسلام ورد الحث عليه في الكتاب والسنة، وكما قامت الدعوة السلفية بتحقيق هذا الهدف الإسلامي بتطبيق أحكام الإسلام وإقامة حدوده، وتعيين قضاة للفصل في الخصومات بين الناس، وإحياء نظام الحسبة، وتنظيم بيت مال المسلمين، نرى أن الدولة الإسلامية التي أقامها الشيخ عثمان بن فودي في غرب أفريقيا تضع- أيضا- النظام الإسلامي للإدارة بإحياء نظام البيعة وتعيين العمال لحكم الأقاليم، وإحياء نظام الوزارة والحسبة والقضاء الإسلامي.
خامسا: وكما كانت دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب سببا في إيقاظ الحياة الفكرية بعد جمودها فترة طويلة من الزمن، وإثارة الجدل بين أنصار الدعوة وخصومها واجتهادهم في البحث والتحصيل العلمي، مما أدى إلى قيام يقظة إسلامية. ونشاط علمي ظهرت آثاره فيما خلف الشيخ الإمام من تراث إسلامي ضخم يتمثل في رسائله وبحوثه ومؤلفاته العديدة في مختلف العلوم الإسلامية، وذلك فضلا عما قام به أبناؤه وتلاميذه من إنتاج علمي لا يزال يثري المكتبة العربية الإسلامية بالعديد من المؤلفات. كذلك أشعلت حركة الإصلاح التي قادها الشيخ عثمان بن فودي في غرب أفريقيا يقظة فكرية هائلة،