للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

اعتنق الإسلام في بلاد الهوسة. أما الفريق الآخر فمن البدو الذين لم يختلطوا بقبائل الهوسة. وعرفوا باسم: "بروروجي" أي رعاة البقر، واحتفظ هؤلاء بدينهم الوثني. وفي أواخر القرن الثاني عشر الهجري (١٨ م) غدا الفلان جدا المسلمون عنصرا هاما بين سكان بلاد الهوسة ووصل كثير منهم إلى أعلى المناصب بفضل مواهبهم واستعدادهم الذهني ١.

[عثمان بن فودي والدعوة إلى الإصلاح:]

وبطل قصة انتشار الدعوة السلفية في غرب أفريقية هو الشيخ عثمان بن فودي (دان فيديو) ٢ ينتسب هذا المصلح إلى أسرة من الفلان انطلقت في ركاب المهاجرين منهم حتى دخلت سهول السودان الغربي وأقامت في بلاد الهوسة، وفي هذه البيئة ولد عثمان بن فودي سنة ١١٦٩ هـ في قرية طفل من أعمال إمارة كوبر (جوبير) . وقد نشأ في بيت علم وفتوى؛ إذ اعتنق أجداده الإسلام من زمن بعيد، واشتغل أبوه وأفراد أسرته بالعلم، وتلقى عثمان بن فودي دروسه الأولى على يد أبيه محمد، وأمه حواء، وجدته رقية ٣. شب عثمان بن فودي في هذه البيئة المتدينة، ودرس علوم العربية وعلوم القرآن والحديث والفقه على أيدي علماء عصره في بلاد الهوسة، وفي أغاديس٤. ولعل أقوى أساتذته تأثيرا فيه هو الشيخ جبريل بن عمر٥.

ولما بلغ عثمان بن فودي مبلغ الرجال، وأوتي حظا من النضوج العقلي والفكري، هاله حال المسلمين في بلاد الهوسة، وما كانوا عليه من تخلف وانحراف عن جادة الإسلام الصحيح. وانتشار البدع والخرافات والوثنيات، ثم رحل عثمان إلى الحجاز لأداء فريضة الحج، فتأثر بالدعوة السلفية التي كانت آخذة في النمو والانتشار في الوقت الذي زار فيه


١ Boville, e. a.: the golden trade of the moors, p. ٢٢٤
٢ عرف باسم دان فوديو. أي: ابن النقية. واسمه عثمان بن محمد بن عثمان بن صالح. ومن الألقاب التي تلقب بها: نور الزمان, ومجدد الإسلام. والشيخ.
٣ آدم عبد الله الألوري: الإسلام في نيجيريا ص ٣٥.
٤ أغاديس: مدينة تقع بالقرب من طريق القوافل الممتد بين أقاليم السودان الأوسط وبلاد المغرب.
٥ آدم عبد الله الألوري: المرجع نفسه ص ٣٠-٣١.

<<  <   >  >>