للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مراده بالتحديد فقد حرم الله القول عليه بلا علم، وإن زعمتم أن أدلتنا لا تشمل هذا فهو باطل; فإنها عامة، وعلى تقدير ذلك يكون من المسكوت عنه الذي نهينا عن البحث فيه. فلو أنكم قلتم كما ١ قال من كرهه من العلماء: أكرهه أو لا أستحبه مع وجود غيره ونحو هذه العبارة التي يقولها من شك في نجاسته ولم يجزم بأن حكم الشرع نجاسة هذا، فقد أصبتم ٢ وعملتم بقول نبيكم صلى الله عليه وسلم: "وبينهما أمور مشتبهات" ٣ سواء كان في نفس الأمر طاهرا أم لا. فإن من شك في شيء وتورع عنه فقد أصاب ولو تبين بعد ذلك أنه حلال. وعلى كل حال فمن زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم الذي أرسله الله ليبين للناس ما نزل إليهم أراد أن يشرع لأمته أن كل ماء دون القلتين بقلال هجر إذا لاقى شيئا نجسا أنه ينجسه ٤ ويصير شربه حراما، ولا تقبل صلاة من توضأ به ولا من باشره شيء منه حتى يغسله ولم يبين ذلك لهم حتى أتاه رجل ٥ يسأله عن الماء بالفلاة ترده السباع التي تأكل الميتات ويسيل فيه من ريقها ولعابها فأجابه بقوله: "إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث" ٦ وأراد بهذا اللفظ أن يبين لأمته أن الماء ٧ إذا بلغ خمسمائة رطل بالعراقي لا ينجس إلا بالتغيير، وما نقص ينجس بالملاقاة، وصار كما وصفنا؛ فمن زعم ذلك فقد أبعد النجعة، وقال ما لا يعلم


١ نص الدرر "عن البحث عنه فلو أنكم قلتم كمن".
٢ في الدرر "هذا الماء كنتم قد أصبتم".
٣ نص الدرر "بقول نبيكم صلى الله عليه وسلم سواء..".
٤ نص الدرر "يتنجس". "ولا تقبل".
٥ في الدرر "أعرابي يسأل".
٦ الترمذي: الطهارة (٦٧) , والنسائي: الطهارة (٥٢) , وأبو داود: الطهارة (٦٣) , وأحمد (٢/١٢ ,٢/٣٨) , والدارمي: الطهارة (٧٣٢) .
٧ في الدرر "أنه".

<<  <   >  >>